وقال بعضهم: كان واجبا عليه وعلى أمته فنسخ.
أقول: ذكر الوتر مع قيام الليل يشتمل على تكرار ظاهرا، والأصل فيه أن العامة رووا حديثا عن عايشة أن النبي صلى الله عليه وآله قال: " ثلاث علي فريضة ولكم سنة:
الوتر، والسواك، وقيام الليل " ولذا جمعوا بينهما تبعا للرواية، كما يظهر من شارح الوجيزة، وتبعهم أصحابنا رضوان الله عليهم.
وقال الشهيد الثاني قدس سره: اعلم أن بين قيام الليل وبين الوتر الواجبين عليه مغايرة العموم والخصوص المطلق، لان قيام الليل بالتهجد يحصل بالوتر وبغيره، فلا يلزم من وجوبه وجوبه، وأما الوتر فلما كان من العبادات الواقعة بالليل فهو من جملة التهجد بل أفضله، فقد يقال: إن إيجابه يغني عن إيجاب قيام الليل وجوابه أن قيام الليل وإن تحقق بالوتر لكن مفهومه مغاير لمفهومه، لان الواجب من القيام لما كان يتأدى به وبغيره، وبالكثير منه والقليل كان كل فرد يأتي به منه موصوفا بالوجوب، لأنه أحد أفراد الواجب الكلي، وهذا القدر لا يتأدى بإيجاب الوتر خاصة، ولا يفيد فائدته، فلابد من الجمع بينهما.
ثم قال في التذكرة: الخامس: قضاء دين من مات معسرا، لقوله صلى الله عليه وآله: " من مات وخلف مالا فلورثته، ومن مات وخلف دينا أو كلا فعلي (1) " وإلى هذا مذهب الجمهور، وقال بعضهم: كان ذلك كرما منه، وهذا اللفظ لا يمكن حمله على الضمان، لان من صحح ضمان المجهول لم يصحح على هذا الوجه، وللشافعية وجهان في أن الامام هل يجب عليه قضاء دين المعسر إذا مات، وكان في بيت المال سعة تزيد على حاجة الاحياء، لما في إيجابه من الترغيب في اقتراض المحتاجين.
السادس: مشاورة اولي النهى لقوله تعالى: " وشاورهم في الامر (2) " وقيل: إنه لم يكن واجبا عليه، بل امر لاستمالة قلوبهم، وهو المعتمد، فإن عقل النبي صلى الله عليه وآله أوفر من عقول كل البشر.