بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٥ - الصفحة ٣٣٣
لا تعرفين من تربين هو أطيب الطيبين، وأطهر الطاهرين، وما علونا تلعة (1) ولا هبطنا واديا " إلا سلموا عليه، فعرفت (2) البركة والزيادة في معاشنا ورياشنا حتى أثرينا وكثرت مواشينا وأموالنا، ولم يحدث في ثيابه، ولم تبد عورته، ولم يحتج في يوم إلا مرة، وكان مسرورا " مختونا "، وكنت أرى شابا " على فراشه يعد له ثيابه، فربيته خمس سنين ويومين، فقال لي يوما ": أين يذهب إخواني كل يوم؟ قلت: يرعون غنما " فقال: إنني اليوم أوافقهم (3)، فلما ذهب معهم أخذه ملائكة وعلوه على قلة جبل، وقاموا بغسله وتنظيفه، فأتاني ابني وقال: أدركي محمدا " فإنه قد سلب، فأتيته فإذا هو بنور يسطع في السماء فقبلته فقلت:
ما أصابك؟ قال: لا تحزني إن الله معنا، وقص عليها قصته، فانتشر منه فوح مسك أذفر، وقال الناس: غلبت عليه الشياطين، وهو يقول: ما أصابني شئ، وما علي من بأس، فرآه كاهن وصاح وقال: هذا الذي يقهر الملوك، ويفرق العرب (4).
ايضاح: قوله: واختار اليمين، أي صاحب اليمن والبركة، والغث: المهزول، والمراد هنا المصدر، ويقال: أثرى الرجل: إذا كثرت أمواله.
3 - مناقب ابن شهرآشوب: روي عن حليمة أنه جلس محمد وهو ابن ثلاثة أشهر، ولعب مع الصبيان وهو ابن تسعة، وطلب مني أن يسير مع الغنم يرعى وهو ابن عشرة، وناضل (5) الغلمان بالنبل وهو ابن خمسة عشر، وصارع الغلمان وهو ابن ثلاثين، ثم رددته إلى جده.
ابن عباس: إنه كان يقرب إلى الصبيان تصبيحهم فيخلسون (6) ويكف، ويصبح الصبيان غمصا " رمصا "، ويصبح صقيلا دهينا "، ونادى شيخ على الكعبة: يا عبد المطلب إن حليمة امرأة عربية، وقد فقدت ابنا " (7) اسمه محمد، فغضب عبد المطلب وكان إذا غضب خاف

(١) التلعة: ما علا من الأرض.
(٢) في المصدر: فعرفنا.
(٣) في المصدر: أرافقهم.
(٤) مناقب آل أبي طالب ١: ٢٣ و 24.
(5) ناضلة: باراه في رمى السهام.
(6) في المصدر: فيختلسون.
(7) في المصدر: ابنها.
(٣٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 328 329 330 331 332 333 334 335 336 337 338 ... » »»
الفهرست