وفي الخامسة والستين: أفصحتم في الخطبة وقصرتم في العمل، فلو أفصحتم في العمل وقصرتم في الخطبة لكان أرجى لكم، ولكنكم عمدتم إلى آياتي فاتخذتموها هزءا، وإلى مظالمي فاشتهرتم بها، وعلمتم أن لا هرب مني، وأمنتم فجائع الدنيا. (1) داود! أتل على بني إسرائيل نبأ رجل دانت له أقطار الأرض حتى استوى، (2) وسعى في الأرض فسادا، وأخمد الحق وأظهر الباطل، وعمر الدنيا، وحصن (3) الحصون، و حبس الأموال، فبينما هو في غضارة (4) دنياه إذ أوحيت إلى زنبور يأكل لحمة خده، و يدخل وليلدغ الملك، فدخل الزنبور وبين يديه ستاره ووزراؤه وأعوانه فضرب خده فتورمت وتفجرت منه أعين دما وقيحا، فثير عليه بقطع من لحم (5) وجهه حتى كان كل من يجلس عنده شم منم نتنا عظيما، (6) حتى دفن جثة بلا رأس، فلو كان للآدميين عبرة تردعهم لردعتهم، ولكن اشتغلوا بلهو الدنيا ولعبهم، فذرهم يخوضوا ويلعبوا حتى يأتيهم أمري ولا أضيع أجر المحسنين، سبحان خالق النور. (7) أقول: سيأتي سائر ما نقلنا من الزبور وسائر حكم داود عليه السلام في كتاب المواعظ إن شاء الله تعالى.
(٤٨)