فتنكبت (1) فلم تعظهم، فقالت للطائفة التي وعظتهم: " لم تعظون قوما الله مهلكهم أو معذبهم عذابا شديدا " فقالت الطائفة التي وعظتهم: " معذرة إلى ربكم ولعلهم يتقون " قال: فقال الله عز وجل: " فلما نسوا ما ذكروا به " يعني لما تركوا ما وعظوا به ومضوا على الخطيئة، فقالت الطائفة التي وعظتهم: لا والله لا نجامعكم ولا نبايتكم الليلة في مدينتكم هذه التي عصيتم الله فيها مخافة أن ينزل بكم البلاء فيعمنا معكم، قال: فخرجوا عنهم من المدينة مخافة أن يصيبهم البلاء فنزلوا قريبا من المدينة فباتوا تحت السماء، فلما أصبح أولياء الله المطيعون لأمر الله غدوا لينظروا ما حال أهل المعصية فأتوا باب المدينة فإذا هو مصمت فدقوه فلم يجابوا ولم يسمعوا منها حس أحد، فوضعوا سلما على سور المدينة ثم أصعدوا رجلا منهم فأشرف على المدينة فنظر فإذا هو بالقوم قردة يتعاوون، فقال الرجل لأصحابه:
يا قوم أرى والله عجبا، قالوا: وما ترى؟ قال: أرى القوم قد صاروا قردة يتعاوون، لها أذناب، فكسروا الباب، قال: فعرفت القردة أنسابها من الانس، (2) ولم تعرف الانس أنسابها من القردة، فقال القوم للقردة: ألم ننهكم؟ فقال علي عليه السلام: والله الذي فلق الحبة و برأ النسمة إني لأعرف أنسابها (3) من هذه الأمة لا ينكرون ولا يغيرون (4) بل تركوا ما أمروا به فتفرقوا، وقد قال الله تعالى: " فبعدا للقوم الظالمين " فقال الله: " أنجينا الذين ينهون عن السوء وأخذنا الذين ظلموا بعذاب بئيس بما كانوا يفسقون ". (5) توضيح: قوله: (ليلة الأحد) أي لئلا يرجع ما أتاهم يوم السبت، لكنه مخالف لسائر الروايات والسير، والظاهر أن فيه سقطا، ولعله كان هكذا: ليلة السبت ويصطادون يوم الأحد. قوله عليه السلام: (إني لأعرف أنسابها) أي أشباهها مجازا، أي أعرف جماعة من هذه الأمة أشباه الطائفة الذين لم ينهوا عن المنكر حتى مسخوا، ويحتمل أن يكون