ابن موسى الرضا عليه السلام يقول: أوحى الله عز وجل إلى نبي من أنبيائه: إذا أصبحت فأول شئ يستقبلك فكله، والثاني فاكتمه، والثالث فاقبله، والرابع فلا تؤيسه، والخامس فاهرب منه. قال: فلما أصبح مضى فاستقبله جبل أسود عظيم فوقف وقال: أمرني ربي أن آكل هذا، وبقي متحيرا، ثم رجع إلى نفسه فقال: إن ربي جل جلاله لا يأمرني إلا بما أطيق، فمشى إليه ليأكله، فكلما دنا منه صغر حتى انتهى إليه فوجده لقمة فأكلها فوجدها أطيب شئ أكله، ثم مضى فوجد طستا من ذهب فقال: أمرني ربي أن أكتم هذا، فحفر له وجعله فيه، وألقى عليه التراب، ثم مضى فالتفت فإذا الطست قد ظهر فقال: قد فعلت ما أمرني ربي عز وجل فمضى، فإذا هو بطير وخلفه بازي فطاف الطير حوله فقال: أمرني ربي أن أقبل هذا، ففتح كمه فدخل الطير فيه، فقال له البازي أخذت صيدي وأنا خلفه منذ أيام، فقال: إن الله عز وجل أمرني أن لا أؤيس هذا، فقطع من فخذه قطعة فألقاها إليه ثم مضى، فلما مضى إذا هو بلحم ميتة منتن مدود فقال:
أمرني ربي عز وجل أن أهرب من هذا، فهرب منه ورجع.
ورأي في المنام كأنه قد قيل له: إنك قد فعلت ما أمرت به، فهل تدري ماذا كان؟
قال: لا، قال له: أما الجبل فهو الغضب، إن العبد إذا غضب لم ير نفسه وجهل قدره من عظم الغضب، فإذا حفظ نفسه وعرف قدره وسكن غضبه كانت عاقبته كاللقمة الطيبة التي أكلتها، وأما الطست فهو العمل الصالح إذا كتمه العبد وأخفاه أبى الله عز وجل إلا أن يظهره ليزينه به مع ما يدخر له من ثواب الآخرة، وأما الطير فهو الرجل الذي يأتيك بنصيحة فاقبله واقبل نصيحته، وأما البازي فهو الرجل الذي يأتيك في حاجة فلا تؤيسه، وأما اللحم المنتن فهي الغيبة فاهرب منها. (1) 10 - قصص الأنبياء: الصدوق، عن ابن موسى، عن محمد بن هارون، عن عبيد الله بن موسى، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن محصن، عن يونس بن ظبيان قال: قال الصادق عليه السلام: إن الله تعالى أوحى إلى نبي من أنبياء بني إسرائيل: إن أحببت أن تلقاني غدا في حظيرة القدس فكن في الدنيا وحيدا غريبا مهموما محزونا مستوحشا من الناس بمنزلة الطير الواحد