يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم نبيا إلى بني إسرائيل، وأمره بالمسير إلى أريحا مدينة الجبارين.
فاختلف العلماء في فتحها على يد من كان، فقال ابن عباس: أما هارون وموسى توفيا في التيه، (1) وتوفي فيه كل من دخله وقد جاوز العشرين سنة غير يوشع بن نون وكالب بن يوفنا، فلما انقضى أربعون سنة أوحى الله تعالى إلى يوشع بن نون يأمره بالمسير إليها وفتحها ففتحها، ومثله قال قتادة والسدي وعكرمة، وقال آخرون: إن موسى عليه السلام عاش حتى خرج من التيه وسار إلى مدينة الجبارين، وعلى مقدمته يوشع بن نون (2) وكالب بن يوفنا وهو صهره على أخته مريم بنت عمران، فلما بلغوها اجتمع الجبارون إلى بلعم بن باعورا وهو من ولد لوط فقالوا له: إن موسى قد جاء ليقتلنا ويخرجنا من ديارنا، فادع الله عليهم، وكان بلعم يعرف اسم الله الأعظم فقال لهم: كيف أدعو على نبي الله والمؤمنين ومعهم الملائكة؟ فراجعوه في ذلك وهو يمتنع عليهم، فأتوا امرأته وأهدوا لها هدية فقبلتها وطلبوا إليها أن تحسن لزوجها أن يدعو على بني إسرائيل، (3) فقالت له في ذلك فامتنع فلم تزل به حتى قال: أستخير ربي، فاستخار الله تعالى فنهاه في المنام فأخبرها بذلك، فقالت: راجع ربك، فعاود الاستخارة فلم يرد إليه جواب، فقالت: لو أراد ربك لنهاك، ولم تزل تخدعه حتى أجابهم، فركب حمارا له متوجها إلى جبل يشرف على بني إسرائيل ليقف عليه ويدعو عليهم فما سار عليه إلا قليلا حتى ربض الحمار، (4) فنزل عنه فضربه حتى قام فركبه فسار به قليلا فربض، (5) فعل ذلك ثلاث مرات، فلما اشتد ضربه في الثالثة أنطقه الله فقال له: ويحك يا بلعم أين تذهب؟ أما ترى الملائكة تردني؟
فلم يرجع، فأطلق الله الحمار حينئذ فسار عليه حتى أشرف على بني إسرائيل، فكان كلما أراد