ملكي، قالوا: فإن غلبنا موسى وأبطل سحرنا علمنا أن ما جاء به ليس من قبل السحر ولا من قبل الحيلة، آمنا به وصدقناه، فقال فرعون: إن غلبكم موسى صدقته أنا أيضا معكم، ولكن أجمعوا كيدكم أي حيلتكم، قال: وكان موعدهم يوم عيد لهم.
فلما ارتفع النهار من ذلك اليوم، وجمع فرعون الخلق والسحرة، وكانت له قبة طولها في السماء ثمانون ذراعا، وقد كانت لبست الحديد الفولاد، (1) وكانت إذا وقعت الشمس عليها لم يقدر أحد أن ينظر إليها من لمع الحديد ووهج الشمس، (2) وجاء فرعون وهامان وقعدا عليها ينظران، وأقبل موسى ينظر إلى السماء، فقالت السحرة لفرعون: إنا نرى رجلا ينظر إلى السماء ولم يبلغ سحرنا السماء، وضمنت السحرة من في الأرض، فقالوا لموسى: إما أن تلقي وإما أن نكون نحن الملقين، قال لهم موسى: " ألقوا ما أنتم ملقون * فألقوا حبالهم وعصيهم " فأقبلت تضطرب مثل الحيات وهاجت، فقالوا: " بعزة فرعون إنا لنحن الغالبون " (3) " فأوجس في نفسه خيفة موسى " فنودي: " لا تخف إنك أنت الاعلى * وألق ما في يمينك تلقف ما صنعوا إنما صنعوا كيد ساحر ولا يفلح الساحر حيث أتى " فألقى موسى العصا فذابت في الأرض مثل الرصاص ثم طلع رأسها وفتحت فاها و وضعت شدقها العليا على رأس قبلة فرعون، ثم دارت والتقمت (4) عصي السحرة وحبالها وغلب كلهم وانهزم الناس حين رأوها وعظمها وهولها مما لم تر العين ولا وصف الواصفون مثله قبل، فقتل في الهزيمة من وطئ الناس بعضهم بعضا عشرة آلاف رجل وامرأة وصبي ودارت على قبة فرعون، قال: فأحدث فرعون وهامان في ثيابهما وشاب رأسهما وغشي عليهما من الفزع. ومر موسى في الهزيمة مع الناس فناداه الله خذها ولا تخف سنعيدها سيرتها الأولى، فرجع موسى ولف على يده عباءة كانت عليه ثم أدخل يده في فمها فإذا هي عصا كما كانت، وكان كما قال الله: " فالقي السحرة ساجدين " لما رأوا ذلك " قالوا