وأطعمهم كما أطعم أصحابهم، وخرج موسى عليه السلام إلى العسكر فأقبل فرعون على أصحابه وقال لهم: زعمتم أن موسى وهارون سحرا بنا وأريانا بالسحر أنهم يأكلون من طعامنا و لم يأكلوا من طعامنا شيئا وقد خرجنا وذهب السحر، فأجمعوا من قدرتم عليه على الطعام الباقي يومهم هذا ومن الغد لكيلا يتفانوا، (1) ففعلوا، وقد كان أمر فرعون أن يتخذ لأصحابه خاصة طعام لا سم فيه، فجمعهم عليه، فمنهم من أكل ومنهم من ترك، فكل من طعم من طعامه تفسخ، فهلك من أصحاب فرعون سبعون ألف ذكر ومائة وستون ألف أنثى سوى الدواب والكلاب وغير ذلك، فتعجب هو وأصحابه. (2) أقول: سيأتي تمام الخبر مع وصف الدواء في كتاب السماء والعالم.
20 - تفسير علي بن إبراهيم: " أو من ينشؤ في الحلية " أي ينشؤ في الذهب " وهو في الخصام غير مبين " قال: إن موسى أعطاه الله من القوة أن رأى فرعون صورته على فرس من ذهب رطب عليه ثياب من ذهب رطب، فقال فرعون: " أو من ينشؤ في الحلية " أي ينشؤ بالذهب " و هو في الخصام غير مبين " قال: لا يبين الكلام ولا يتبين من الناس، ولو كان نبيا لكان خلاف الناس. (3) بيان: المشهور بين المفسرين أن المعنى: أو اجعلوا من ينشؤ في الحلية أي في زينة النساء لله عز وجل، يعني البنات، وهو في الخصام يعني المخاصمة غير مبين للحجة، أي لا يمكنها أن تبين الحجة عند الخصومة لضعفها وسفهها، وقيل: معناه: أو يعبدون من ينشؤ في الحلية ولا يمكنه أن ينطق بحجته ويعجز عن الجواب وهم الأصنام، فإنهم كانوا يحلونها بالحلي، وإنما قال: " وهو " حملا على لفظ " من " وأما ما ذكره علي بن إبراهيم فلا يخفى بعده عن سياق الآية، لأنها محفوفة بالآيات المشتملة على ذكر من جعل لله البنات، ولو كان خبرا فلعل في قرآنهم عليهم السلام كانت بين الآيات المسوقة لذكر