بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٢ - الصفحة ٣٧٠
يا أمة الله؟ فبكت وقالت: أردت ذلك المبتلى الذي كان منبوذا على الكناسة، لا أدري أضاع أم ما فعل، (1) قال لها أيوب: ما كان منك؟ فبكت فقالت: بعلي فهل رأيته؟ قال:
وهل تعرفينه إذا رأيته؟ قالت: وهل يخفى على أحد ربه؟ ثم جعلت تنظر إليه (2) وهي تهابه، ثم قالت: أما إنه كان أشبه خلق الله بك إذ كان صحيحا، قال: فإني أنا أيوب الذي أمرتني أن أذبح لإبليس، وإني أطعت الله تعالى وعصيت الشيطان ودعوت الله تعالى فرد علي ما ترين.
وقال كعب: كان أيوب في بلائه سبع سنين; وقال وهب: لبث أيوب في ذلك البلاء ثلاث سنين لم يزد يوما واحدا، فلما غلب أيوب إبليس ولم يستطع منه شيئا اعترض امرأته في هيئة ليست كهيئة بني آدم في العظم والجسم والجمال على مركب ليس من مراكب الناس له عظم وبهاء وجمال، فقال: أنت صاحبة أيوب هذا الرجل المبتلى؟ قالت: نعم، قال: فهل تعرفيني؟ قالت: لا، قال: فأنا إله الأرض، وأنا الذي صنعت بصاحبك ما صنعت وذلك أنه عبد إله السماء وتركني فأغضبني، ولو سجد لي واحدة رددت عليه وعليك كل ما كان لكما من مال وولد فإنه عندي، ثم أراها إياهم فيما ترى ببطن الوادي الذي لقيها فيه; قال وهب: وقد سمعت أنه قال: لو أن صاحبك أكل طعاما ولم يسم عليه لعوفي مما به من البلاء، والله أعلم، وأراد عدو الله أن يأتيه من قبلها.
ورأيت في بعض الكتب أن إبليس لعنه الله قال لرحمة: وإن شئت فاسجدي لي سجدة واحدة حتى أرد عليك المال والأولاد وأعافي زوجك، فرجعت إلى أيوب عليه الصلاة و السلام فأخبرته بما قال لها وما أرها، قال: لقد أتاك عدو الله لنفتنك عن دينك، ثم أقسم إن عافاه الله تعالى ليضربنها مائة جلدة، وقال عند ذلك: " مسني الضر " في طمع إبليس في سجود رحمة له ودعائه إياها وإياي إلى الكفر، قالوا: ثم إن الله تعالى رحم رحمة امرأة أيوب بصبرها معه على البلاء وخفف عنها، وأراد أن يبر يمين أيوب فأمره أن يأخذ جماعة من الشجرة يبلغ مائة قضيب خفافا لطافا فيضربها بها ضربة واحدة، كما قال

(1) في المصدر: أم ماذا فعل به؟
(2) ": وهل يخفى على؟ انها جعلت تنظر إليه.
(٣٧٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 365 366 367 368 369 370 371 372 373 374 375 ... » »»
الفهرست