قلب أيوب؟ فقال عفريت من عظمائهم: عندي من القوة ما إذا شئت تحولت ريحا عاصفا تنسف كل شئ فآتي عليه (1) حتى لا أبقي منها شيئا، قال له إبليس: فأت الفدادين و الحرث، فانطلق يؤمهم وذلك حين قرنوا الفدادين وأنشؤوا في الحرث وأولادها رتوع (2) فلم يشعروا حتى هبت ريح عاصف فنسفت كل شئ من ذلك حتى كأنه لم يكن، ثم خرج إبليس متمثلا بقهرمان الحرث حتى جاء أيوب وهو قائم يصلي فقال له مثل قوله الأول، ورد عليه أيوب مثل رده الأول، فجعل إبليس يصيب ماله مالا مالا حتى مر على آخره، كلما انتهى إليه هلاك مال من ماله حمد الله وأحسن عليه الثناء ورضي بالقضاء و وطن نفسه للصبر على البلاء حتى لم يبق له مال، فلما رأى إبليس أنه قد أفنى ماله ولم ينجح منه بشئ صعد سريعا حتى وقف (3) الموقف الذي كان يقفه فقال: إلهي إن أيوب يرى أنك ما متعته بنفسه وولده (4) فأنت معطيه المال فهل أنت مسلطي على ولده فإنها الفتنة المضلة والمصيبة التي لا يقوم لها قلوب الرجال، ولا يقوى عليها صبرهم؟ فقال الله تعالى: انطلق فقد سلطتك على ولده.
فانقض عدو الله حتى جاء بني أيوب عليه السلام وهم في قصرهم، فلم يزل يزلزل بهم حتى تداعى من قواعده، (5) ثم جعل يناطح (6) جدره بعضها ببعض ويرميهم بالخشب والجندل (7) حيت إذا مثل بهم كل مثلة رفع بهم القصر (8) وقلبه فصاروا منكبين (9) وانطلق إلى أيوب متمثلا بالمعلم الذي كان يعلمهم الحكمة وهو جريح مشدوخ الوجه