بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٢ - الصفحة ٣٦٦
أم من حكمتك تبصر العقاب الصيد البعيد، وأصبح في أماكن القتلى؟ (1) فقال أيوب عليه السلام: قصرت عن هذا الامر الذي تعرض علي، ليت الأرض انشقت لي فذهبت فيها ولم أتكلم بشئ يسخط ربي اجتمع علي البلاء (2) إلهي قد جعلتني لك مثل العدو، وقد كنت تكرمني، وتعرف نصحي، وقد علمت أن كل الذي ذكرت صنع يديك وتدبير حكمتك، وأعظم من هذا لو شئت عملت، لا يعجزك شئ، ولا يخفى عليك خافية، ولا يغيب عنك غائبة، من هذا الذي يظن أن يسر عنك سرا وأنت تعلم ما تخطر على القلوب؟ (3) وإنما تكلمت لتعذرني، وسكت حين سكت لترحمني، كلمة زلت عن لساني فلن أعود، وقد وضعت يدي على فمي، وعضضت على لساني، وألصقت بالتراب خدي ودمست فيه وجهي لصغاري، وسكت كما أسكتتني خطيئتي، فاغفر لي ما قلت فلن أعود لشئ تكرهه مني.
فقال الله تعالى: يا أيوب نفذ فيك علمي، وسبقت رحمتي غضبي، إذا خطئت فقد غفرت لك (4) ورددت عليك أهلك ومالك ومثلهم معهم لتكون لمن خلفك آية، وتكون عبرة لأهل البلاء، وعزا للصابرين، (5) اركض برجلك هذا مغتسل بارد وشراب، فيه شفاء، وقرب عن صحابتك قربانا، واستغفر لهم فإنهم قد عصوني فيك. فركض برجله فانفجرت له عين فدخل فيها فاغتسل فأذهب الله تعالى عنه كل ما كان به من البلاء، ثم خرج فجلس وأقبلت امرأته فقامت تلتمسه في مضجعه فلم تجده، فقامت مترددة كالواله (6) ثم قالت: يا عبد الله هل لك علم بالرجل المبتلى الذي كان ههنا؟ فقال لها: فهل تعرفينه إذا رأيته؟ قالت: نعم، ومالي لا أعرفه، فتبسم وقال: أنا هو، فعرفته بمضحكه

(1) قد أسقط المصنف من هنا قطعة يطول ذكرها فمن شاء فليراجع المصدر.
(2) في المصدر: حين اجتمع على البلاء.
(3) في المصدر زيادة وهي هذه وقد علمت منك في بلائي هذا ما لم أكن أعلم، وخفت أن يكون أمر أكثر مما كنت أخاف، إنما كنت أسمع بصوتك فاما الان فهو نظر العين.
(4) في المصدر: فقد غفرت لك ما قلت ورحمتك ورددت.
(5) في المصدر: وعزاء للصابرين، فاركض اه‍.
(6) في المصدر: فقامت متكدرة كالوالهة فمرت به فقالت: يا عبد الله.
(٣٦٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 361 362 363 364 365 366 367 368 369 370 371 ... » »»
الفهرست