بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٢ - الصفحة ٣٦٩
أين لونك الحسن قد تغير وصار مثل الرماد؟ أين جسمك الحسن الذي قد بلى وتردد فيه الدواب؟ اذبح هذه السخلة واسترح، قال أيوب ": أتاك عدو الله فنفخ فيك وأجبته، ويلك أرأيت ما كنا فيه من المال والولد والصحة؟ من أعطانيه؟ قالت: الله، قال: فكم متعنا به؟ قالت: ثمانين سنة، قال: فمذ كم ابتلاني الله تعالى بهذا البلاء؟ قالت: منذ سبع سنين وأشهر، قال: ويلك والله ما عدلت ولا أنصفت ربك، إلا صبرت في البلاء الذي ابتلانا الله به ثمانين سنة كما كنا في الرخاء ثمانين سنة؟ والله لئن شفاني الله عز وجل لأجلدنك مائة جلدة حين أمرتني أن أذبح لغير الله، طعامك وشرابك الذي أتيتني به علي حرام أن أذوق مما تأتيني بعد إذ قلت لي هذا، فاعزبي عني (1) فلا أراك: فطردها فذهبت، فلما نظر أيوب إلى امرأته قد طردها وليس عنده طعام ولا شراب ولا صديق خر ساجدا فقال: " رب إني مسني الضر " ثم رد ذلك إلى ربه فقال: " وأنت أرحم الراحمين " فقيل له:
ارفع رأسك فقد استجيب لك، اركض برجلك، فركض برجله فنبعت عين فاغتسل منها فلم يبق عليه من دائه شئ ظاهر إلا سقط، (2) فأذهب الله تعالى عنه كل ألم وكل سقم وعاد إليه شبابه وجماله أحسن ما كان وأفضل ما كان، (3) ثم ضرب برجله فنبعت عين أخرى فشرب منها فلم يبق في جوفه داء إلا خرج فقام صحيحا وكسى حلة، قال: فجعل يلتفت فلا يرى شيئا مما كان له من أهل ومال إلا وقد أضعفه الله تعالى له فخرج حتى جلس على مكان مشرف ثم إن امرأتك قالت: أرأيت إن كان طردني إلى من أكله؟ أدعه يموت جوعا و يضيع فتأكله السباع؟! لأرجعن إليه، فرجعت فلا كناسة ترى ولا تلك الحال التي كانت، وإذا الأمور تغيرت، فجعلت تطوف حيث كانت الكناسة وتبكي على أيوب، (4) قال: وهابت صاحب الحلة أن تأتيه فتسأله عنه، فأرسل إليها أيوب فدعاها فقال: ما تريدين

(1) عزب: بعد وغاب وخفى.
(2) في المصدر: الاسقط أثره وأذهب الله.
(3) ": وأفضل مما مضى، (4) ": وتبكى وأيوب ينظرها.
(٣٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 364 365 366 367 368 369 370 371 372 373 374 ... » »»
الفهرست