بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٢ - الصفحة ٢٠١
أهل مملكته وعلماءهم وأهل دراسة الكتب وآثار النبوة فلما اجتمعوا عنده قال ذو القرنين:
يا معشر الفقهاء وأهل الكتب وآثار النبوة هل وجدتم فيما قرأتم من كتب الله وفي كتب من كان قبلكم من الملوك أن الله عينا تدعى عين الحياة، فيها من الله عزيمة إنه من يشرب منها لم يمت حتى يكون هو الذي يسأل الله الموت؟ قالوا: لا يا أيها الملك، قال: فهل وجدتم فيما قرأتم من الكتب أن الله في الأرض ظلمة لم يطأها إنس ولا جان؟ قالوا: لا أيها الملك فحزن عليه ذو القرنين حزنا شديدا وبكى إذ لم يخبر عن العين والظلمة بما يحب، وكان فيمن حضره غلام من الغلمان من أولاد الأوصياء: أوصياء الأنبياء، وكان ساكتا لا يتكلم حتى إذا آيس ذو القرنين منهم قال له الغلام: (1) أيها الملك إنك تسأل هؤلاء عن أمر ليس لهم به علم، وعلم ما تريد عندي، ففرح ذو القرنين فرحا شديدا حتى نزل عن فراشه وقال له: ادن مني فدنا منه، فقال: أخبرني، قال: نعم أيها الملك، إني وجدت في كتاب آدم الذي كتب يوم سمي له ما في الأرض من عين أو شجر، فوجدت فيه أن لله عينا تدعى عين الحياة، فيها من أمر الله عزيمة، إنه من يشرب منها لم يمت حتى يكون هو الذي يسأل الله الموت بظلمة لم يطأها إنس ولا جان، ففرح ذو القرنين وقال: ادن مني يا أيها الغلام تدري أين موضعها؟ قال: نعم، وجدت في كتاب آدم أنها على قرن الشمس - يعني مطلعها - ففرح ذو القرنين وبعث إلى أهل مملكته فجمع أشرافهم وفقهاءهم وعلماءهم و أهل الحكم منهم فاجتمع إليه ألف حكيم وعالم وفقيه، فلما اجتمعوا عليه تهيأ للمسير وتأهب له بأعد العدة وأقوى القوة، فسار بهم يريد مطلع الشمس يخوض البحار ويقطع الجبال والفيافي والأرضين والمفاوز فسار اثني عشر سنة حتى انتهى إلى طرف الظلمة، فإذا هي ليست بظلمة ليل ولا دخان (2) ولكنها هواء يفور سد ما بين الأفقين، (3) فنزل بطرفها

(1) في العرائس: فقال عالم من العلماء: إني قرأت وصية آدم عليه السلام فوجدت فيهما أن خلق الله في الأرض ظلمة لم يطأها انس ولا جان، ووضع فيها عين الخلد، فقال ذو القرنين: و أين وجدتها؟ قال: في الأرض التي على قرن الشمس. وليس فيه جملة " وكان فيمن حضره " ولا الجمل التي يأتي بعد ذلك. والظاهر أنه اختصر الحديث.
(2) في العرائس: فإذا ظلمة تفور مثل الدخان ليست بظلمة ليل، فعسكر هناك اه‍.
(3) في نسخة: ما بين الخافقين.
(٢٠١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 196 197 198 199 200 201 202 203 204 205 206 ... » »»
الفهرست