عن موضعه، ونزل عن فرسه فتناول الخرزة فرمى بها في الوادي فأبطأت عنه بالإجابة حتى خاف أن لا يجيبه، ثم أجابته فخرج إلى صوتها (1) فإذا هي على جانب العين، و إذا ماؤها أشد بياضا من اللبن، وأصفى من الياقوت، وأحلى من العسل، فشرب منه ثم خلع ثيابه فاغتسل منها، ثم لبس ثيابه ثم رمى بالخرزة نحو أصحابه فأجابته، فخرج إلى أصحابه وركب وأمرهم بالمسير فساروا، ومر ذو القرنين بعده فأخطأ الوادي فسلكوا تلك الظلمة أربعين يوما وأربعين ليلة، ثم خرجوا بضوء ليس بضوء نهار ولا شمس ولا قمر ولكنه نور، فخرجوا إلى أرض حمراء رملة خشخاشة (2) فركة كان حصاها اللؤلؤ، فإذا هو بقصر مبني على طول فرسخ. (3) فجاء ذو القرنين إلى الباب فعسكر عليه، ثم توجه بوجهه وحده إلى القصر فإذا طائر وإذا حديدة طويلة قد وضع طرفاها على جانبي القصر، والطير أسود معلق في تلك الحديدة بين السماء والأرض كأنه الخطاف أو صورة الخطاف أو شبيه بالخطاف أو هو خطاف، (4) فلما سمع الطائر خشخشة ذي القرنين قال: من هذا؟ قال: أنا ذو القرنين، فقال الطائر: يا ذا القرنين أما كفاك ما وراءك حتى وصلت إلى حد بابي هذا، ففرق (5) ذو القرنين فرقا شديدا، فقال: يا ذا القرنين لا تخف وأخبرني، قال: سل، قال: هل كثر في الأرض بنيان الاجر والجص؟ قال: نعم، قال: فانتفض الطير وامتلأ حتى ملا من الحديدة ثلثها، ففرق ذو القرنين فقال: لا تخف وأخبرني، قال: سل، قال: هل كثرت المعازف؟ قال: نعم، قال: فانتقض الطير وامتلأ حتى ملا من الحديدة ثلثيها، ففرق ذو القرنين فقال: لا تخف وأخبرني، قال:
سل، قال: هل ارتكب الناس شهادة الزور في الأرض؟ قال: نعم، فانتفض انتفاضة وانتفخ فسد ما بين جداري القصر، قال: فامتلأ ذو القرنين عند ذلك فرقا منه، فقال له: لا تخف وأخبرني، قال: