في البلاد ومكن له فيها حتى ملك ما بين المشرق والمغرب، (1) وكان له خليل من الملائكة يقال له: رقائيل (2) ينزل إليه فيحدثه ويناجيه، فبينا هو ذات يوم عنده إذ قال له ذو القرنين:
يا رقائيل كيف عبادة أهل السماء؟ وأين هي من عبادة أهل الأرض؟ قال رقائيل: يا ذا القرنين وما عبادة أهل الأرض، (3) فقال: أما عبادة أهل السماء ما في السماوات موضع قدم إلا وعليه ملك قائم لا يقعد أبدا، أو راكع لا يسجد أبدا، أو ساجد لا يرفع رأسه أبدا، فبكى (4) ذو القرنين بكاء شديدا فقال: يا رقائيل إني أحب أن أعيش حتى أبلغ من عبادة ربي و حق طاعته ما هو أهله، قال رقائيل: يا ذا القرنين إن لله في الأرض عينا (5) تدعى عين الحياة فيها عزيمة من الله، إنه من يشرب منها لم يمت حتى يكون هو الذي يسأل الله الموت، (6) فإن ظفرت بها تعش ما شئت، قال: وأين ذلك العين؟ وهل تعرفها؟ قال: لا غير أنا نتحدث (7) في السماء أن لله في الأرض ظلمة لم يطأها إنس ولا جان، (8) فقال ذو القرنين: وأين تلك الظلمة؟ قال رقائيل: ما أدري، ثم صعد رقائيل فدخل ذا القرنين حزن طويل من قول رقائيل ومما أخبره عن العين والظلمة ولم يخبره بعلم ينتفع به منهما، فجمع ذو القرنين فقهاء