فيما بيني وبينك من أنت؟ قال: أنا ملك الموت، قال إدريس: لي إليك حاجة، فقال: وما هي؟ قال: تصعد بي إلى السماء، فاستأذن ملك الموت ربه في ذلك فأذن له، فحمله على جناحه فصعد به إلى السماء، ثم قال له إدريس عليه السلام: إن لي إليك حاجة أخرى، قال:
وما هي؟ قال: بلغني من الموت شدة فأحب أن تذيقني منه طرفا " فأنظر هو كما بلغني، فاستأذن ربه له فأذن فأخذ بنفسه ساعة ثم خلى عنه، فقال له: كيف رأيت؟ قال: بلغني عنه شدة وأنه لأشد مما بلغني، ولي إليك حاجة أخرى تريني النار، فاستأذن ملك الموت صاحب النار، ففتح له فلما رآها إدريس عليه السلام سقط مغشيا " عليه، ثم قال: لي إليك حاجة أخرى تريني الجنة، فاستأذن ملك الموت خازن الجنة فدخلها فلما نظر إليها قال:
يا ملك الموت ما كنت لأخرج منها، إن الله تعالى يقول: " كل نفس ذائقة الموت " وقد ذقته، ويقول: " وإن منكم إلا واردها " وقد وردتها، ويقول في الجنة: " وما هم بخارجين منها ". (1) بيان: الخبران السابقان أقوى وأصح سندا " كما لا يخفى فالمعول عليهما، وهذا أوفق بروايات العامة.
9 - قصص الأنبياء: بالإسناد إلى الصدوق بإسناده إلى وهب بن المنبه قال: إن إدريس كان رجلا " طويلا "، ضخم البطن، عظيم الصدر، قليل الصوت، رقيق المنطق، قريب الخطى إذا مشى - وساق الحديث إلى آخر ما مر في صدر الباب - ثم قال: وأنزل الله على إدريس عليه السلام ثلاثين صحيفة، وهو أول من خط بالقلم، وأول من خاط الثياب ولبسها، وكان من كان قبله يلبسون الجلود، وكان كلما خاط سبح الله وهلله وكبره ووحده و مجده، وكان يصعد إلى السماء من عمله في كل يوم مثل أعمال أهل زمانه كلهم، قال:
وكانت الملائكة في زمان إدريس عليه السلام يصافحون الناس ويسلمون عليهم ويكلمونهم و يجالسونهم وذلك لصلاح الزمان وأهله، فلم يزل الناس على ذلك حتى كان زمن نوح عليه السلام وقومه ثم انقطع ذلك، وكان من أمره مع ملك الموت ما كان حتى دخل الجنة، فقال له ربه: إن إدريس إنما حاجك فحجك بوحيي وأنا الذي هيأت له تعجيل دخول