الإضاءة وقلنا: قد أضاء، فلا يشترط في استعمال تلك الأفعال إلا الاستتباع والسببية من غير اشتراط شئ آخر، والأظهر بدل (فلما استضاء لنا) قوله: (فلما استضأنا به) كما لا يخفى.
قوله (عليه السلام): (هل تجد النار يغيرها تغير نفسها؟ حاصله أن الشئ لا يؤثر في نفسه بتغيير وإفناء وتأثير، بل إنما يتأثر من غيره، فالنار لا تتغير إلا بتأثير غيرها فيها، والحرارة لا تحرق نفسها، والبصر لا ينطبع من نفسه، بل من صورة غيره، فالله سبحانه لا يمكن أن يتأثر ويتغير بفعل نفسه، وتأثير غيره تعالى فيه محال، وأما الانسان إذا ضرب عضوا منه على عضو آخر فيتأثر فليس من ذلك، لان أحد العضوين مؤثر والآخر متأثر، أو يقال: الانسان أثر في نفسه بتوسط غيره وهو عضو منه، والله سبحانه لا يتأتى فيه ذلك لوحدته الحقيقية وبساطته المطلقة، فلا يعقل تغيره بفعل نفسه بوجه، ثم لما توهم عمران أن الخلق والتأثير لا يكون إلا بكون المؤثر في الأثر أو الأثر في المؤثر أجاب بذكر بعض الشرائط والعلل الناقصة على التنظير، فمثل بالمرآة حيث يشترط انطباع صورة البصر في المرآة وانطباع صورة المرآة في البصر بوجود ضوء قائم بالهواء المتوسط بينهما، فالضوء علة ناقصة لتأثر البصر والمرآة مع عدم حصوله في شئ منهما وعدم حصول شئ منهما فيه، فلم لا يجوز تأثير الصانع في العالم مع عدم حصول العالم فيه ولا حصوله في العالم؟.
قوله: (هل يوحد بحقيقة) بالحاء المهملة المشددة المفتوحة، أي هل يتأتى توحيده مع تعقل كنه حقيقته، أو إنما يوحد مع تعقله بوجه من وجوهه وبوصف من أوصافه؟ وفي بعض النسخ (يوجد) بالجيم من الوجدان، أي يعرف، وهو أظهر، فأجاب (عليه السلام) بأنه إنما يعرف بالوجوه التي هي محدثة في أذهاننا، وهي مغايرة لحقيقته تعالى، وما ذكره أولا لبيان أنه قديم أزلي والقديم يخالف المحدثات في الحقيقة، وكل شئ غيره فهو حادث.
قوله (عليه السلام): (لا معلوما) تفصيل للثاني، أي ليس معه غيره لا معلوم ولا مجهول والمراد بالمحكم ما يعرف حقيقته، وبالمتشابه ضده، ويحتمل أن يكون إشارة إلى