هو ساكت لا ينطق، ولا يقال: إن السراج ليضئ فيما يريد أن يفعل بنا؟ لان الضوء من السراج ليس بفعل منه ولا كون، وإنما هو ليس شئ غيره فلما استضاء لنا قلنا:
قد أضاء لنا حتى استضأنا به، فهذا تستبصر أمرك.
قال عمران: يا سيدي فإن الذي كان عندي أن الكائن قد تغير في فعله عن حاله بخلقه الخلق، قال الرضا (عليه السلام): أحلت يا عمران في قولك: إن الكائن يتغير في وجه من الوجوه حتى يصيب الذات منه ما يغيره، يا عمران هل تجد النار يغيرها تغير نفسها؟ أو هل تجد الحرارة تحرق نفسها؟ أو هل رأيت بصيرا قط رأى بصره؟ (1) قال عمران: لم أر هذا، ألا تخبرني يا سيدي أهو في الخلق أم الخلق فيه؟ قال الرضا (عليه السلام): جل يا عمران عن ذلك، ليس هو في الخلق ولا الخلق فيه، تعالى عن ذلك، وسأعلمك ما تعرفه به ولا قوة إلا بالله، أخبرني عن المرآة أنت فيها أم هي فيك؟ فإن كان ليس واحد منكما في صاحبه فبأي شئ استدللت بها على نفسك؟ قال عمران بضوء بيني وبينها، قال الرضا (عليه السلام): هل ترى من ذلك الضوء في المرآة أكثر مما تراه في عينك؟ قال:
نعم، قال الرضا (عليه السلام) فأرناه، فلم يحر جوابا، قال (عليه السلام): فلا أرى النور إلا وقد دلك ودل المرآة على أنفسكما من غير أن يكون في واحد منكما، ولهذا أمثال كثيرة غير هذا لا يجد الجاهل فيها مقالا، ولله المثل الأعلى.
ثم التفت إلى المأمون فقال: الصلاة قد حضرت، فقال عمران: يا سيدي لا تقلع علي مسألتي فقد رق قلبي، قال الرضا (عليه السلام): نصلي ونعود، فنهض ونهض المأمون فصلى الرضا (عليه السلام) داخلا، وصلى الناس خارجا خلف محمد بن جعفر، ثم خرجا فعاد الرضا (عليه السلام) إلى مجلسه ودعا بعمران فقال: سل يا عمران، قال: يا سيدي ألا تخبرني عن الله عز وجل هل يوحد بحقيقة أو يوحد بوصف؟ قال الرضا (عليه السلام): إن الله المبدئ الواحد الكائن الأول لم يزل واحدا لا شئ معه، فردا لا ثاني معه، لا معلوما ولا الواحد الكائن الأول لم يزل واحدا لا شئ معه، فردا لا ثاني معه، لا معلوما ولا مجهولا، ولا محكما ولا متشابها، ولا مذكورا ولا منسيا، ولا شيئا يقع عليه اسم شئ من الأشياء غيره، ولامن وقت كان، ولا إلى وقت يكون، ولا بشئ قام، ولا إلى شئ