بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٠ - الصفحة ٣٢٨
قوله (عليه السلام): (وكان الذي خلق خلقين اثنين) لعله إشارة إلى الخلق الأول وهي الحروف، ففي خلق الحروف يخلق شيئان: حرف وتحديد وتقدير قائم به، (1) وليس شئ من الحرف والعرض القائم به ذا لون ووزن وذوق (وجعل أحدهما يدرك بالآخر) أي الحرف يعرف بالحدود القائمة به، فيعرف بأنه شئ محدود، أو المعنى أنه لو لم يكن محدودا لم يكن مدركا بالحواس، وجعل الحرف وحده كليهما مدركين بنفسهما لا بآثارهما، فإن الأمور المحسوسة إنما تدرك بأنفسها لا بآثارها (ولم يخلق شيئا فردا) عن الحدود والتقديرات (قائما بنفسه دون غيره) أي من غير أن يخلق معه غيره كالحدود لأنه أراد أن يكون حروفا وأصواتا دالة على نفسه وإثبات وجوده، وما يكون دالا على المعاني هاديا للناس إلى المعرفة لا يكون إلا محسوسا، وكل محسوس يكون محدودا، والمعنى أنه أراد أن يكون محدودا ليدل بكونه على هذه الحالة على إمكانه وافتقاره إلى الصانع، فيكون بوجوده بنفسه دالا على الصانع لا باعتبار مدلوله.
قوله (عليه السلام): (ولا يكنه) أي لا يستره. وقال الجوهري: ارتبك الرجل في الامر أي نشب فيه ولم يكد يتخلص منه. قوله: (المتفاوت عقله) أي المتباعد عنه عقله، من التفاوت بمعنى التباعد أو بمعنى الاختلاف، أي لا يثبت عقله على أمر ثابت، بل يكون دائما في الشك والتردد.
أقول: هذا الخبر من متشابهات الاخبار التي لا يعلم تأويلها إلا الله والراسخون في العلم، ولا يلزمنا فيها سوى التسليم، وإنما ذكرنا فيها ما ذكرنا فيها ما ذكرنا على سبيل الاحتمال على قدر ما يصل إليه فهمي الناقص، مع أن في تلك الأخبار الطويلة المشتملة على المعاني المعضلة كثيرا ما يقع التحريف والاسقاط من الرواة. والله يعلم وحججه صلوات الله عليهم حقائق كلامهم.

(1) ويحتمل أن يكون المراد بالتقدير الابداع أيضا، والمحدث إنما يدرك ويظهر بالابداع، وفى كل خلق يحدث شيئان: مبدع وابداع متعلق به، لكن في تطبيق ما بعده عليه يحتاج إلى نوع عناية تظهر بالتأمل الصادق. منه قدس الله سره.
(٣٢٨)
مفاتيح البحث: الصدق (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 323 324 325 326 327 328 329 330 331 332 333 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 باب 1 احتجاجات أمير المؤ منين صلوات الله عليه على اليهود في أنواع كثيرة من العلوم ومسائل شتى، وفيه 13 حديثا. 1
3 باب 2 احتجاجه صلوات الله عليه على بعض اليهود بذكر معجزات النبي صلى الله عليه وآله، وفيه حديث واحد. 28
4 باب 3 احتجاجه صلوات الله عليه على النصارى، وفيه خمسة أحاديث. 52
5 باب 4 احتجاجه صلوات الله عليه على الطبيب اليوناني، وفيه حديث واحد 70
6 باب 5 أسؤلة الشامي عم أمير المؤمنين عليه السلام في مسجد الكوفة، وفيه حديث واحد. 75
7 باب 6 نوادر احتجاجاته صلوات الله عليه وبعض ما صدر عنه من جوامع العلوم، وفيه تسعة أحاديث. 83
8 باب 7 ما علمه صلوات الله عليه من أربعمائة باب مما يصلح للمسلم في دينه ودنياه، وفيه حديث واحد. 89
9 باب 8 ما تفضل صلوات الله عليه به على الناس بقوله: سلوني قبل أن تفقدوني، وفيه سبعة أحاديث. 117
10 باب 9 مناظرات الحسنين - صلوات الله عليهما - واحتجاجاتهما، وفيه خمسة أحاديث. 129
11 باب 10 مناظرات علي بن الحسين - عليهما السلام - واحتجاجاته، وفيه ثلاثة أحاديث. 145
12 باب 11 في احتجاج أهل زمانه على المخالفين، وفيه حديث واحد. 147
13 باب 12 مناظرات محمد بن علي الباقر واحتجاجاته عليه السلام، وفيه 14 حديثا. 149
14 باب 13 احتجاجات الصادق صلوات الله عليه على الزنادقة والمخالفين ومناظراته معهم، وفيه 23 حديثا. 163
15 باب 14 ما بين عليه السلام من المسائل في أصول الدين وفروعه برواية الأعمش، وفيه حديث واحد. 222
16 باب 15 احتجاجات أصحابه عليه السلام على المخالفين، وفيه ثلاثة أحاديث. 230
17 باب 16 احتجاجات موسى بن جعفر عليه السلام على أرباب الملل والخلفاء وبعض ما روي عنه من جوامع العلوم، وفيه 17 حديثا. 234
18 باب 17 ما وصل إلينا من أخبار علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه السلام بغير رواية الحميري، وفيه حديث واحد. 249
19 باب 18 احتجاجات أصحابه عليه السالام على المخالفين، وفيه ستة أحاديث 292
20 باب 19 مناظرات علي بن موسى الرضا صلوات الله عليه، واحتجاجه على أرباب الملل المختلفة والأديان المتشتة في مجلس المأمون وغيره،. فيه 13 حديثا 299
21 باب 20 ما كتبه صلوات الله عليه للمأمون من محض الإسلام وشرائع الدين، وسائر ما روي عنه عليه السلام من جوامع العلوم، وفيه 24 حديثا. 352
22 باب 21 مناظرات أصحابه وأهل زمانه صلوات الله عليه، وفيه عشرة أحاديث. 370
23 باب 22 احتجاجات أبي جعفر الجواد ومناظراته صلوات الله عليه، وفيه حديثان. 381
24 باب 23 احتجاجات أبي الحسن علي بن محمد النقي صلوات الله عليه، وفيه أربعة أحاديث. 386
25 باب 24 اجتجاجات أبي محمد الحسن بن علي العسكري صلوات الله عليه، وفيه حديث واحد. 392
26 باب 25 فيما بين الصدوق رحمه الله من مذهب الإمامية وأملى على المشائخ في مجلس واحد. 393
27 باب 26 نوادر الاحتجاجات والمناظرات الواردة عن علمائنا الإمامية رضوان الله تعالى عليهم. 406