ويلك كم تردد هذه المسألة وقد أخبرتك أن الإرادة محدثة، لان فعل الشئ محدث؟!
قال: فليس لها معنى! قال الرضا (عليه السلام): قد وصف نفسه عندكم حتى وصفها بالإرادة بما لا معنى له، فإذا لم يكن لها معنى قديم ولا حديث بطل قولكم: إن الله لم يزل مريدا، قال سليمان: إنما عنيت أنها فعل من الله لم يزل، قال: ألا تعلم أن ما لم يزل لا يكون مفعولا وقديما حديثا في حالة واحدة؟ فلم يحر جوابا.
قال الرضا (عليه السلام): لا بأس أتمم مسألتك، قال سليمان: قلت: إن الإرادة صفة من صفاته، قال الرضا (عليه السلام): كم تردد علي أنها صفة من صفاته، فصفته محدثة أولم تزل؟ قال سليمان: محدثة، قال الرضا (عليه السلام): الله أكبر فالإرادة محدثة، وإن كانت صفة من صفاته لم تزل فلم يرد شيئا، (1) قال الرضا (عليه السلام): إن ما لم يزل لا يكون مفعولا، قال سليمان: ليس الأشياء إرادة، ولم يرد شيئا، (2) قال الرضا (عليه السلام): وسوست يا سليمان، فقد فعل وخلق ما لم يزل خلقه وفعله، (3) وهذه صفة من لا يدري ما فعل، تعالى الله عن ذلك.
قال سليمان: يا سيدي فقد أخبرتك أنها كالسمع والبصر والعلم، قال المأمون:
ويلك يا سليمان كم هذا الغلط والترداد؟ اقطع هذا وخذ في غيره إذ لست تقوي على غير هذا الرد، قال الرضا (عليه السلام): دعه يا أمير المؤمنين لا تقطع عليه مسألته فيجعلها حجة، تكلم يا سليمان، قال: قد أخبرتك أنها كالسمع والبصر والعلم، قال الرضا (عليه السلام): لا بأس، أخبرني عن معنى هذه، أمعنى واحد أو معاني مختلفة؟ قال سليمان: معنى واحد، (4) قال الرضا (عليه السلام): فمعنى الإرادات كلها معنى واحد؟ قال سليمان: نعم، قال الرضا (عليه السلام): فإن كان معناها معنى واحدا كانت إرادة القيام إرادة القعود، وإرادة الحياة إرادة الموت، إذ كانت إرادته واحدة لم يتقدم بعضها بعضا، ولم يخالف بعضها بعضا، وكان شيئا واحدا، قال سليمان: إن معناها مختلف، قال: فأخبرني عن المريد أهولا الإرادة أو غيرها؟ قال سليمان: بل هو الإرادة، قال