إلها أن يقولوا: إن الله يبخل تارة ويجود أخرى، وقال الحسن بن علي المغربي:
حدثني بعض اليهود بمصر أن طائفة منهم قال ذلك. (1) أقول: قال الرازي: لعله كان فيهم من كان على مذهب الفلسفة، وهو أن الله تعالى موجب لذاته وأن حدوث الحوادث عنه لا يمكن إلا على نهج واحد وسنن واحد وأنه تعالى غير قادر على إحداث الحوادث على غير الوجوه التي عليها يقع، فعبروا عن عدم الاقتدار على التغيير والتبديل بغل اليد. (2) وقال الطبرسي رحمه الله في قوله: " غلت أيديهم ": فيه أقوال: أحدها: أنه على سبيل الاخبار، أي غلت أيديهم في جهنم. وثانيها: أن يكون خرج مخرج الدعاء كما يقال: قاتله الله. وثالثها: أن معناه: جعلوا بخلاء وألزموا البخل فهم أبخل قوم، فلم يلق يهودي أبدا غير لئيم بخيل.
" كلما أوقدوا نارا للحرب أطفأها الله " أي لحرب محمد صلى الله عليه وآله، وفي هذا دلالة ومعجزة، لان الله أخبر فوافق خبره المخبر، فقد كانت اليهود أشد أهل الحجاز بأسا، وأمنعهم دارا، حتى أن قريشا تعتضد بهم، والأوس والخزرج تستبق إلى مخالفتهم وتتكثر بنصرتهم، فأباد الله خضراءهم، واستأصل شأفتهم، واجتث أصلهم (3) فأجلى النبي صلى الله عليه وآله بني النضير وبني قينقاع، وقتل بني قريظة، وشرد أهل خيبر، وغلب على فدك، ودان أهل وادي القرى، فمحا الله سبحانه آثارهم صاغرين. (4) وفي، قوله: " لقد كفر الذين قالوا " هذا مذهب اليعقوبية منهم لأنهم قالوا إن الله تعالى اتحد بالمسيح اتحاد الذات فصارا شيئا واحدا وصار الناسوت لاهوتا. (5)