بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٩ - الصفحة ٧٩
أي ولا تقولوا: الأقانيم ثلاثة، الثاني: قال الزجاج: ولا تقولوا: آلهتنا ثلاثة، وذلك لان القرآن يدل على أن النصارى يقولون: إن الله والمسيح ومريم ثلاثة آلهة، والدليل عليه قوله تعالى: " أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله " (1) الثالث:
قال الفراء: ولا تقولوا هم ثلاثة كقوله: " سيقولون ثلاثة " (2) وذلك لان ذكر عيسى ومريم مع الله بهذه العبارة يوهم كونهما إلهين: وبالجملة فلا نرى مذهبا في الدنيا أشد ركاكة وبعدا عن العقل من مذهب النصارى. (3) وقال الطبرسي رحمه الله في قوله تعالى: " فأغرينا بينهم العداوة والبغضاء ": أي بين اليهود والنصارى، وقيل: المراد بين أصناف النصارى خاصة لأهوائهم المختلفة في الدين، وذلك أن النسطورية (4) قالت: إن عيسى ابن الله، واليعقوبية: إن الله هو

(١) المائدة: ١١٦.
(٢) الكهف: ٢٢. (3) التفسير الكبير 3: 346.
(4) النسطورية أو الناطرة: طائفة من المسيحيين ينتسبون إلى نسطور يوس بطريرك القسطنطنية المتولد في 428 من الميلاد، وقال الشهرستاني: هم أصحاب نسطور الحكيم الذي ظهر في زمان المأمون، وتصرف في الأناجيل بحكم رأيه، قال: إن الله تعالى واحد ذو أقانيم ثلاثة:
الوجود والعلم والحياة، وهذه الأقانيم ليست زائدة على الذات ولا هي هو، واتحد الكلمة بجسد عيسى عليه السلام كاشراق الشمس في كوة أو على بلور، أو كظهور النقش في الخاتم، وزعموا أن الابن لم يزل متولدا من الأب وإنما تجسد واتحد بجسد المسيح حين ولد، والحدث راجع إلى الجسد والناسوت، فهو إله وانسان اتحدا، وهما جوهران اقنومان طبيعتان: جوهر قديم وجوهر محدث، اله تام وانسان تام، ولم يبطل الاتحاد قدم القديم ولا حدوث المحدث، لكنهما صارا مسيحا واحدا ومشيئة واحدة. واليعقوبية أو اليعاقبة طائفة أخرى ينسبون إلى يعقوب البردعي أسقف الرها، وقيل: انهم أهل مذهب ديسقورس، وقيل: غير ذلك، قال الشهرستاني: انهم قالوا بالأقانيم الثلاثة، إلا انهم قالوا انقلبت الكلمة لحما ودما فصار الاله هو المسيح وهو الظاهر بجسده بل هو هو. إلى آخر ما يطول ذكره. الملكانية أو الملكائية، قال الشهرستاني: هم أصحاب ملكا الذي ظهر بالروم واستولى عليها ومعظم الروم ملكائية، قالوا: ان الكلمة اتحدت بجسد المسيح وتدرعت بناسوته، وصرحوا بأن الجوهر غير الأقانيم، وذلك كالموصوف والصفة وعن هذا صرحوا باثبات التثليث، وقالوا: المسيح ناسوت كلى لا جزئي، وهو قديم أزلي من قديم أزلي ولقد ولدت مريم إلها أزليا، والقتل والصلب وقع على الناسوت واللاهوت إ ه‍.
(٧٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 74 75 76 77 78 79 80 81 82 83 84 ... » »»
الفهرست