المسيح بن مريم، والملكانية وهم الروم قالوا: إن الله ثالث ثلاثة: الله، وعيسى، ومريم. (1) وفي قوله: " نحن أبناء الله ": قيل: إن اليهود قالوا: نحن في القرب من الله بمنزلة الابن من أبيه، والنصارى كما قالوا: المسيح ابن الله جعلوا نفوسهم أبناء الله وأحباءه لأنهم تأولوا ما في الإنجيل من قول المسيح: " أذهب إلى أبي وأبيكم " عن الحسن، وقيل: إن جماعة من اليهود منهم: كعب بن الأشرف، وكعب بن أسيد، وزيد بن التابوه وغيرهم قالوا لنبي الله حين حذرهم بنقمات الله وعقوباته: لا تخوفنا فإنا أبناء الله وأحباؤه، وإن غضب علينا فإنما يغضب كغضب الرجل على ولده، يعني أنه يزول عن قريب، عن ابن عباس، وقيل: إنه لما قال قوم: إن المسيح ابن الله أجرى ذلك على جميعهم كما تقول العرب: هذيل شعراء، أي فيهم شعراء. (2) وفي قوله: " قالت اليهود يد الله مغلولة " أي مقبوضة عن العطاء، ممسكة عن الرزق فنسبوه إلى البخل، عن ابن عباس وغيره، قالوا: إن الله كان قد بسط على اليهود حتى كانوا من أكثر الناس مالا، وأخصبهم ناحية، فلما عصوا الله في محمد صلى الله عليه وآله وكذبوه كف الله عنهم ما بسط عليهم من السعة فقال عند ذلك فنحاص بن عازوراء: يد الله مغلولة " ولم يقل: إلى عنقه. قال أهل المعاني إنما قال فنحاص ولم ينهه الآخرون ورضوا بقوله فأشركهم الله في ذلك، وقيل معناه: يد الله مكفوفة عن عذابنا، فليس يعذبنا إلا بما يبر به قسمه قدر ما عبد آباؤنا العجل، وقيل: إنه استفهام وتقديره:
أيد الله مغلولة عنا حيث قتر المعيشة علينا؟ وقال أبو القاسم البلخي: يجوز أن يكون اليهود قالوا قولا واعتقدوا مذهبا يؤدي إلى أن الله تعالى يبخل في حال، ويجود في حالة أخرى، فحكى ذلك عنهم على وجه التعجيب منهم والتكذيب لهم، ويجوز أن يكونوا قالوا ذلك على وجه الهزء من حيث لم يوسع على النبي صلى الله عليه وآله، وليس ينبغي أن يتعجب من قوم يقولون لموسى: " اجعل لنا إلها كما لهم آلهة (3) " ويتخذون العجل