بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٩ - الصفحة ٩٢
ليوحون إلى أوليائهم من الانس بإلقاء الوسوسة في قلوبهم. (1) وفي قوله: " وهذا لشركائنا " يعني الأوثان، وإنما جعل الأوثان شركاءهم لأنهم جعلوا لها نصيبا من أموالهم.
" فما كان لشركائهم فلا يصل إلى الله " فيه أقوال: أحدها: أنهم كانوا يزرعون لله زرعا وللأصنام زرعا، فكان إذا زكا الزرع الذي زرعوه لله ولم يزك الزرع الذي زرعوه للأصنام جعلوا بعضه للأصنام وصرفوه إليها، ويقولون: إن الله غني والأصنام أحوج، وإن زكا الزرع الذي جعلوه للأصنام ولم يزك الزرع الذي زرعوه لله لم يجعلوا منه شيئا لله تعالى، وقالوا: هو غني، وكانوا يقسمون النعم فيجعلون بعضه لله وبعضه للأصنام، فما كان لله أطعموه الضيفان، وما كان للصنم انفق على الصنم.
وثانيها: أنه إذا كان اختلط ما جعل للأصنام بما جعل لله تعالى ردوه، وإذا اختلط ما جعل لله بما جعل للأصنام تركوه، وقالوا: الله أغنى، وإذا تخرق الماء من الذي لله في الذي للأصنام لم يسدوه، وإذا تخرق من الذي للأصنام في الذي لله سدوه، وقالوا: الله أغنى، عن ابن عباس وقتادة وهو المروي عن أئمتنا عليهم السلام.
وثالثها: أنه إذا هلك ما جعل للأصنام بدلوه مما جعل لله، وإذا هلك ما جعل لله لم يبدلوه مما جعل للأصنام. (2) وفي قوله: " قتل أولادهم شركاؤهم " يعني الشياطين الذين زينوا لهم قتل البنات ووأدهن (3) أحياء خيفة العيلة والفقر والعار، وقيل: كان السبب في تزيين قتل البنات أن النعمان بن المنذر أغار على قوم فسبى نساءهم، وكان فيهن بنت قيس بن عاصم، ثم اصطلحوا فأرادت كل امرأة منهن عشيرتها غير ابنة قيس فإنها أرادت من سباها، فحلف قيس لا تولد له بنت إلا وأدها، فصار ذلك سنة فيما بينهم (4) قوله: " حجر " أي حرام، عنى بذلك الانعام والزرع اللذين جعلوهما لآلهتهم وأوثانهم " لا يطعمها إلا من نشاء بزعمهم " أي لا يأكلها إلا من نشاء أن نأذن له في

(1) مجمع البيان 4: 358. (2) مجمع البيان 4: 370.
(3) وأد البنت: دفنها في التراب حيا. (4) مجمع البيان 4: 371.
(٩٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 87 88 89 90 91 92 93 94 95 96 97 ... » »»
الفهرست