القيامة ينادي فيه بعضهم بعضا للاستغاثة، أو يتصايحون بالويل والثبور، أو يتنادى أصحاب الجنة وأصحاب النار كما حكي في الأعراف " يوم تولون " عن الموقف " مدبرين " منصرفين عنه إلى النار، وقيل: فارين عنها " ما لكم من الله من عاصم " يعصمكم من عذابه.
وفي قوله تعالى: " أزفت الآزفة ": (1) دنت الساعة الموصوفة بالدنو في نحو قوله: " اقتربت الساعة ليس لها من دون الله كاشفة " ليس لها نفس قادرة على كشفها إذا وقعت إلا الله لكنه لا يكشفها، أو الآن بتأخيرها إلا الله، أوليس لها كاشفة لوقتها إلا الله، إذ لا يطلع عليه سواه، أوليس لها من غير الله كشف على أنها مصدر كالعافية.
وفي قوله تعالى: " اقتربت الساعة وانشق القمر ": روي أن الكفار سألوا رسول الله صلى الله عليه وآله آية فانشق القمر، وقيل: سينشق القمر يوم القيامة، ويؤيد الأول أنه قرئ: وقد انشق القمر أي اقتربت الساعة وقد حصل من آيات اقترابها انشقاق القمر.
وفي قوله: " يوم يجمعكم ليوم الجمع ": أي لأجل ما فيه من الحساب والجزاء، والجمع جمع الملائكة والثقلين " ذلك يوم التغابن " يغبن فيه بعضهم بعضا لنزول السعداء منازل الأشقياء لو كانوا سعداء وبالعكس، مستعار من تغابن التجار.
وفي قوله: " الحاقة " أي الساعة أو الحالة التي تحق وقوعها، أو التي تحق فيها الأمور أي تعرف حقيقتها، أو تقع فيها حواق الأمور من الحساب والجزاء على الاسناد المجازي، وهي مبتدء خبرها: " ما الحاقة " وأصله: ما هي؟ أي أي شئ هي؟ على التعظيم لشأنها والتهويل لها، فوضع الظاهر موضع المضمر " وما أدريك ما الحاقة " أي أي شئ أعلمك ما هي؟ أي أنك لا تعلم كنهها فإنها أعظم من أن يبلغها دراية أحد، " كذبت ثمود وعاد بالقارعة " (2) بالحالة التي تقرع الناس بالافزاع والاجرام بالانفطار والانتشار، وإنما وضعت موضع ضمير الحاقة زيادة في وصف شدتها.
وفي قوله: " إن أدري ": ما أدري " أقريب ما توعدون أم يجعل له ربي أمدا " غاية تطول مدتها.