بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٧ - الصفحة ٢٥٦
وأكلهم ولباسهم ونومهم ويقظتهم وهدايتهم إلى مراشدهم إلى مالا يحصى كثرة من أحوالهم ومصالحهم، وأنهم يموتون ويحشرون، وبين بهذا أنه لا يجوز للعباد أن يتعدوا في ظلم شئ منها، فإن الله خالقها والمنتصف لها " ما فرطنا في الكتاب من شئ " أي ما تركنا، وقيل: ما قصرنا، والكتاب، القرآن لان فيه جميع ما يحتاج إليه من أمور الدين والدنيا إما مجملا وإما مفصلا، والمجمل قد بينه على لسان نبيه صلى الله عليه وآله وأمر باتباعه في قوله: " ما آتيكم الرسول فخذوه " الآية، وقيل: المراد به اللوح، وقيل:
المراد به الأجل أي ما تركنا شيئا إلا وقد أوجبنا له أجلا ثم يحشرون جميعا " ثم إلى ربهم يحشرون " أي يحشرون إلى الله بعد موتهم يوم القيامة كما يحشر العباد، فيعوض الله تعالى ما يستحق العوض منها وينتصف لبعضها من بعض، وفيما رووه عن أبي هريرة أنه قال: يحشر الله الخلق يوم القيامة البهائم والدواب والطير وكل شئ فيبلغ من عدل الله يومئذ أن يأخذ للجماء من القرناء، ثم يقول: كوني ترابا، فلذلك يقول الكافر:
يا ليتني كنت ترابا.
وعن أبي ذر قال: بينا أنا عند رسول الله صلى الله عليه وآله إذ انتطحت عنزان فقال النبي صلى الله عليه وآله: أتدرون فيما انتطحا؟ فقالوا: لا ندري، قال: لكن الله يدري و سيقضي بينهما، وعلى هذا فإنما جعلت أمثالنا في الحشر والقصاص، ويؤيده قوله تعالى: " وإذا الوحوش حشرت " واستدلت جماعة من أهل التناسخ بهذه الآية على أن البهائم والطيور مكلفة لقوله: " أمم أمثالكم " وهذا باطل لأنا قد بينا أنها من أي جهة تكون أمثالنا، ولو وجب حمل ذلك على العموم لوجب أن تكون أمثالنا في كونها على مثل صورنا وهيئاتنا وخلقنا وأخلاقنا، فكيف يصح تكليف البهائم وهي غير عاقلة؟ و التكليف لا يصح إلا مع كمال العقل.
أقول: قد أورد الرازي في ذلك فصلا مشبعا لا يهم إيراده، وقد مر تفسير سوء الحساب في باب أحوال المجرمين وسيأتي في الاخبار، وقال الطبرسي رحمه الله في قوله عز وجل: " اقترب للناس حسابهم ": اقترب افتعل من القرب، والمعنى: اقترب للناس وقت حسابهم - يعني القيامة - أي وقت محاسبة الله إياهم ومساءلتهم عن نعمه هل قابلوها
(٢٥٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 251 252 253 254 255 256 257 258 259 260 261 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 * بقية أبواب المعاد وما يتبعه ويتعلق به * باب 3 إثبات الحشر وكيفيته وكفر من أنكره، وفيه 31 حديثا. 1
3 باب 4 أسماء القيامة واليوم الذي تقوم فيه، وأنه لا يعلم وقتها إلا الله، وفيه 15 حديثا. 54
4 باب 5 صفحة المحشر، وفيه 63 حديثا. 62
5 باب 6 مواقف القيامة وزمان مكث الناس فيها، وأنه يؤتى بجهنم فيها، وفيه 11 حديثا. 121
6 باب 7 ذكر كثرة أمة محمد صلى الله عليه وآله في القيامة، وعدد صفوف الناس فيها، وحملة العرش فيها، وفيها ستة أحاديث. 130
7 باب 8 أحوال المتقين والمجرمين في القيامة، وفيه 147 حديثا. 131
8 باب ثامن آخر في ذكر الركبان يوم القيامة، وفيه تسعة أحاديث. 230
9 باب 9 أنه يدعى الناس بأسماء أمهاتهم إلا الشيعة، وأن كل سبب ونسب منقطع يوم القيامة إلا نسب رسول الله صلى الله عليه وآله وصهره، وفيه 12 حديثا. 237
10 باب 10 الميزان، وفيه عشرة أحاديث. 242
11 باب 11 محاسبة العباد وحكمه تعالى في مظالمهم وما يسألهم عنه، وفيه حشر الوحوش، فيه 51 حديثا. 253
12 باب 12 السؤال عن الرسل والأمم، وفيه تسعة أحاديث. 277
13 باب 13 ما يحتج الله به على العباد يوم القيامة، وفيه ثلاثة أحاديث. 285
14 باب 14 ما يظهر من رحمته تعالى في القيامة، وفيه تسعة أحاديث. 286
15 باب 15 الخصال التي توجب التخلص من شدائد القيامة وأهوالها، وفيه 79 حديثا. 290
16 باب 16 تطاير الكتب وإنطاق الجوارح، وسائر الشهداء في القيامة، وفيه 22 حديثا 306
17 باب 17 الوسيلة وما يظهر من منزلة النبي صلى الله عليه وآله وأهل بيته عليهم السلام، وفيه 35 حديثا. 326