بالشكر؟ وعن أوامره هل امتثلوها؟ وعن نواهيه هل اجتنبوها؟ وإنما وصف بالقرب لان كل ما هو آت قريب " وهم في غفلة " من دنوها وكونها " معرضون " عن التفكر فيها والتأهب لها، وقيل: عن الايمان بها.
وقال البيضاوي في قوله تعالى: " أعمالهم كسراب بقيعة ": أي أعمالهم التي يحسبونها صالحة نافعة عند الله يجدونها لاغية مخيبة في العاقبة كسراب، وهو ما يرى في الفلاة من لمعان الشمس عليها وقت الظهيرة فيظن أنه ماء يسرب أي يجري، والقيعة بمعنى القاع وهو الأرض المستوية، وقيل: جمعه كجار وجيرة " يحسبه الظمآن ماء " أي العطشان، وتخصيصه لتشبيه الكافر به في شدة الخيبة عند مسيس الحاجة " حتى إذا جاءه " جاء ما توهمه ماءا، أو جاء موضعه " لم يجده شيئا " مما ظنه " ووجد الله عنده " عقابه أو زبانيته أو وجده محاسبا إياه " فوفيه حسابه " استعواضا أو مجازاة " والله سريع الحساب " لا يشغله حساب عن حساب.
وفي قوله تعالى: " وكأين من قرية ": أهل قرية " عتت عن أمر ربها ورسله " أعرضت عنه إعراض العاتي المعاند " فحاسبناها حسابا شديدا " بالاستقصاء والمناقشة، " وعذبناها عذابا نكرا " منكرا، والمراد حساب الآخرة وعذابها، والتعبير بلفظ الماضي للتحقيق " فذاقت وبال أمرها " عقوبة كفرها ومعاصيها " وكان عاقبة أمرها خسرا " لا ربح فيه أصلا. وفي قوله تعالى: " إن إلينا إيابهم ": أي رجوعهم.
وقال الطبرسي في قوله تعالى: " ثم لتسئلن يومئذ عن النعيم ": قال مقاتل: يعني كفار مكة كانوا في الدنيا في الخير والنعمة فيسألون يوم القيامة عن شكر ما كانوا فيه إذا لم يشكروا رب النعيم حيث عبدوا غيره وأشركوا به، ثم يعذبون على ترك الشكر وهذا قول الحسن قال: لا يسأل عن النعيم إلا أهل النار، وقال الأكثرون: إن المعنى: ثم لتسألن يا معاشر المكلفين عن النعيم، قال قتادة: إن الله سائل كل ذي نعمة عما أنعم عليه، وقيل: عن النعيم في المأكل والمشرب وغيرهما من الملاذ، عن سعيد بن جبير، وقيل: النعيم: الصحة والفراغ، عن عكرمة، وقيل: هو الامن والصحة، عن ابن مسعود ومجاهد، وروي ذلك عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام، وقيل: يسأل عن كل نعيم