بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٧ - الصفحة ٢٥٥
الله تعالى من العمل بخلافها، وقال قوم: إن هذه الآية منسوخة بقوله: " لا يكلف الله نفسا إلا وسعها " ورووا في ذلك خبرا ضعيفا، وهذا لا يصح لان تكليف ما ليس في الوسع غير جائز فكيف ينسخ؟ وإنما المراد بالآية ما يتناوله الأمر والنهي من الاعتقادات والإرادات وغير ذلك مما هو مستور عنا، وأما مالا يدخل في التكليف من الوساوس والهواجس مما لا يمكن التحفظ عنه من الخواطر فهو خارج عنه لدلالة العقل، ولقوله صلى الله عليه وآله: وتجوز لهذه الأمة عن نسيانها وما حدثت به أنفسها، فعلى هذا يجوز أن تكون الآية الثانية بينت الأولى وأزالت توهم من صرف ذلك إلى غير وجهه وظن أن ما يخطر بالبال وتتحدث به النفس مما لا يتعلق به التكليف فإن الله يؤاخذه به، والامر بخلاف ذلك، وقوله: " فيغفر لمن يشاء " منهم رحمة وتفضلا " ويعذب من يشاء " منهم ممن استحق العقاب عدلا (1) " والله على كل شئ قدير " من المغفرة و العذاب عن ابن عباس ولفظ الآية عام في جميع الأشياء، والقول فيما يخطر بالبال من المعاصي أن الله سبحانه لا يؤاخذ به وإنما يؤاخذ بما يعزم الانسان ويعقد قلبه عليه مع إمكان التحفظ عنه، فيصير من أفعال القلب فيجازيه كما يجازيه على أفعال الجوارح، وإنما يجازيه جزاء العزم لا جزاء عين تلك المعصية، (2) لأنه لم يباشرها، وهذا بخلاف العزم على الطاعة فإنه يجازي على عزمه ذلك جزاء تلك الطاعة، كما جاء في الاخبار:
إن المنتظر للصلاة في الصلاة ما دام ينتظرها، وهذا من لطائف نعم الله على عباده.
وفي قوله عز وجل: " وما من دابة في الأرض " أي ما من حيوان يمشي على وجه الأرض " ولا طائر يطير بجناحيه " جمع بهذين اللفظين جميع الحيوانات، وإنما قال:
يطير بجناحيه للتأكيد ورفع اللبس لان القائل قد يقول: طر في حاجتي أي أسرع فيها، " إلا أمم " أي أصناف مصنفة تعرف بأسمائها يشتمل كل صنف على العدد الكثير " أمثالكم " قيل: إنه يريد: أشباهكم في إبداع الله إياها وخلقه لها ودلالتها على أن لها صانعا، وقيل: إنما مثلت الأمم من غير الناس بالناس في الحاجة إلى مدبر يدبرهم في أغذيتهم

(1) في التفسير المطبوع: ممن يستحق العقاب عقلا.
(2) فيه نظر وتأمل وقد فصل الكلام في ذلك في محله.
(٢٥٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 250 251 252 253 254 255 256 257 258 259 260 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 * بقية أبواب المعاد وما يتبعه ويتعلق به * باب 3 إثبات الحشر وكيفيته وكفر من أنكره، وفيه 31 حديثا. 1
3 باب 4 أسماء القيامة واليوم الذي تقوم فيه، وأنه لا يعلم وقتها إلا الله، وفيه 15 حديثا. 54
4 باب 5 صفحة المحشر، وفيه 63 حديثا. 62
5 باب 6 مواقف القيامة وزمان مكث الناس فيها، وأنه يؤتى بجهنم فيها، وفيه 11 حديثا. 121
6 باب 7 ذكر كثرة أمة محمد صلى الله عليه وآله في القيامة، وعدد صفوف الناس فيها، وحملة العرش فيها، وفيها ستة أحاديث. 130
7 باب 8 أحوال المتقين والمجرمين في القيامة، وفيه 147 حديثا. 131
8 باب ثامن آخر في ذكر الركبان يوم القيامة، وفيه تسعة أحاديث. 230
9 باب 9 أنه يدعى الناس بأسماء أمهاتهم إلا الشيعة، وأن كل سبب ونسب منقطع يوم القيامة إلا نسب رسول الله صلى الله عليه وآله وصهره، وفيه 12 حديثا. 237
10 باب 10 الميزان، وفيه عشرة أحاديث. 242
11 باب 11 محاسبة العباد وحكمه تعالى في مظالمهم وما يسألهم عنه، وفيه حشر الوحوش، فيه 51 حديثا. 253
12 باب 12 السؤال عن الرسل والأمم، وفيه تسعة أحاديث. 277
13 باب 13 ما يحتج الله به على العباد يوم القيامة، وفيه ثلاثة أحاديث. 285
14 باب 14 ما يظهر من رحمته تعالى في القيامة، وفيه تسعة أحاديث. 286
15 باب 15 الخصال التي توجب التخلص من شدائد القيامة وأهوالها، وفيه 79 حديثا. 290
16 باب 16 تطاير الكتب وإنطاق الجوارح، وسائر الشهداء في القيامة، وفيه 22 حديثا 306
17 باب 17 الوسيلة وما يظهر من منزلة النبي صلى الله عليه وآله وأهل بيته عليهم السلام، وفيه 35 حديثا. 326