أعمال الأزكياء، وقيل: أي لا يطهرهم من خبث أعمالهم بالمغفرة " ولهم عذاب أليم " أي موجع " أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى " أي استبدلوا الكفر بالنبي بالايمان به، أو كتمان أمره بإظهاره، أو العذاب بالثواب وطريق الجنة " فما أصبرهم على النار " فيه أقوال: أحدها معناه: ما أجرأهم على النار! وهو المروي عن أبي عبد الله عليه السلام.
الثاني: ما أعملهم بأعمال أهل النار! وهو المروي أيضا عن أبي عبد الله عليه السلام.
الثالث: ما أبقاهم على النار! كما يقال ما أصبر فلانا على الحبس!.
وفي قوله سبحانه: " والذين اتقوا فوقهم يوم القيمة ": أي الذين اجتنبوا الكفر فوق الكفار في الدرجات، وقيل: أراد أن تمتعهم بنعيم الآخرة أكثر من استمتاع هؤلاء بنعيم الدنيا، وقيل: إنه أراد أن حال المؤمنين في الهزؤ بالكفار والضحك منهم فوق حال هؤلاء في الدنيا.
وفي قوله سبحانه: " إن الذين يشترون بعهد الله ": أي يستبدلون بأمر الله سبحانه ما يلزمهم الوفاء به، وقيل: معناه: إن الذين يحصلون بنكث عهد الله ونقضه " وأيمانهم " أي وبالايمان الكاذبة " ثمنا قليلا " أي عوضا نزرا، وسماه قليلا لأنه قليل في جنب ما يفوتهم من الثواب ويحصل لهم من العقاب " أولئك لا خلاق لهم " أي لا نصيب لهم في نعيم الآخرة " ولا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيمة " أي لا يعطف عليهم ولا يرحمهم، كما يقول القائل للغير: انظر إلي، يريد: ارحمني.
وقال البيضاوي في قوله تعالى: " يوم تبيض وجوه وتسود وجوه ": بياض الوجه وسواده كنايتان عن ظهوره بهجة السرور وكأبة الخوف فيه، وقيل: يوسم أهل الحق ببياض الوجه والصحيفة (1) وإشراق البشرة وسعي النور بين يديه وبيمينه، و أهل الباطل بأضداد ذلك " أكفرتم " أي فيقال لهم: أكفرتم؟ والهمزة للتوبيخ والتعجيب من حالهم " فذوقوا العذاب " أمر إهانة " ففي رحمة الله " يعني الجنة والثواب المخلد، عبر عن ذلك بالرحمة تنبيها على أن المؤمن وإن استغرق عمره في طاعة الله تعالى لا يدخل الجنة إلا برحمته وفضله.