عن الصادق، عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: لو أن البهائم يعلمون من الموت ما تعلمون أنتم ما أكلتم منها سمينا. " ص 289 " بيان: لا ينافي هذا الخبر ما سيأتي من الاخبار في أن الموت مما لم تبهم عنه البهائم، إذ المعنى فيه: لو علموا كما تعلمون من خصوصيات الموت وشدائده، فلا ينافي علمهم بأصل الموت، أو المراد: أنهم لو كانوا مكلفين وعلموا ما أوعد الله من العقاب لما كانوا غافلين كغفلتكم، ولذا قال صلى الله عليه وآله: من الموت.
32 - مصباح الشريعة: قال الصادق عليه السلام: ذكر الموت يميت الشهوات في النفس، ويقلع منابت الغفلة، ويقوي القلب بمواعد الله، ويرق الطبع، ويكسر أعلام الهوى، و يطفئ نار الحرص، ويحقر الدنيا، وهو معنى ما قال النبي صلى الله عليه وآله: فكر ساعة خير من عبادة سنة، وذلك عندما يحل أطناب خيام الدنيا، ويشدها في الآخرة، ولا يشك بنزول الرحمة على ذاكر الموت بهذه الصفة، ومن لا يعتبر بالموت وقلة حيلته وكثرة عجزه و طول مقامه في القبر وتحيره في القيامة فلا خير فيه.
* قال النبي صلى الله عليه وآله: اذكروا هادم اللذات، فقيل: وما هو يا رسول الله؟ فقال:
الموت، فما ذكره عبد على الحقيقة في سعة إلا ضاقت عليه الدنيا، ولا في شدة إلا اتسعت عليه، والموت أول منزل من منازل الآخرة، وآخر منزل من منازل الدنيا، فطوبى لمن أكرم عند النزول بأولها، وطوبى لمن أحسن مشايعته في آخرها، والموت أقرب الأشياء من بني آدم وهو يعده أبعد، فما أجرأ الانسان على نفسه! وما أضعفه من خلق! وفي الموت نجاة المخلصين وهلاك المجرمين، ولذلك اشتاق من اشتاق إلى الموت وكره من كره.
قال النبي صلى الله عليه وآله: من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه، ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه.