بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٤ - الصفحة ٢
بيان: هذا وجه حسن لم يتعرض له المفسرون، وقوله تعالى: " وما قدروا الله حق قدره " متصل بقوله " والأرض جميعا " فيكون على تأويله عليه السلام القول مقدرا أي ما عظموا الله حق تعظيمه وقد قالوا: إن الأرض جميعا، ويؤيده أن العامة رووا أن يهوديا أتى النبي صلى الله عليه وآله وذكر نحوا من ذلك فضحك صلى الله عليه وآله.
3 - التوحيد: أحمد بن الهيثم العجلي، عن ابن زكريا القطان، عن ابن حبيب، عن ابن بهلول، عن أبيه، عن أبي الحسن العبدي، عن سليمان بن مهران قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله عز وجل: " والأرض جميعا قبضته يوم القيمة " فقال: يعني ملكه لا يملكها معه أحد والقبض من الله تعالى في موضع آخر: المنع، والبسط منه: آلاء عطاء والتوسيع كما قال عز وجل: " والله يقبض ويبسط وإليه ترجعون " يعني يعطي ويوسع ويمنع و يضيق. والقبض منه عز وجل في وجه آخر: الاخذ في وجه القبول منه كما قال: " ويأخذ الصدقات " أي يقبلها من أهلها ويثيب عليها. قلت: فقوله عز وجل: " والسماوات مطويات بيمينه " قال: اليمين: اليد، واليد: القدرة والقوة، يقول عز وجل: والسماوات مطويات بقدرته وقوته، سبحانه وتعالى عما يشركون.
بيان: قال الشيخ الطبرسي رحمه الله: القبضة في اللغة: ما قبضت عليه بجميع كفك أخبر الله سبحانه عن كمال قدرته فذكر أن الأرض كلها مع عظمها في مقدوره كالشئ الذي يقبض عليه القابض بكفه فيكون في قبضته، وهذا تفهيم لنا على عادة التخاطب فيما بيننا لأنا نقول: هذا في قبضة فلان وفي يد فلان إذا هان عليه التصرف فيه وإن لم يقبض عليه، وكذا قوله: " والسماوات مطويات بيمينه " أي يطويها بقدرته كما يطوي أحد منا الشئ المقدور له طيه بيمينه، وذكر اليمين للمبالغة في الاقتدار والتحقيق للملك، كما قال:
" أو ما ملكت أيمانكم " أي ما كانت تحت قدرتكم إذ ليس الملك يختص باليمين دون الشمال وسائر الجسد، وقيل: معناه انها محفوظات مصونات بقوته واليمين: القوة. (1)

(1) قال الرضى رضوان الله عليه في تلخيص البيان: وهاتان استعارتان، ومعنى " قبضنا " ههنا أي ملك له خالص قد ارتفعت عنه أيدي المالكين من بريته والمتصرفين فيه من خليفته، وقد ورث تعالى عباده ما كان ملكهم في دار الدنيا من ذلك، فلم يبق ملك إلا انتقل، ولا مالك إلا بطل. وقيل أيضا: معنى ذلك أن الأرض في مقدوره كالذي يقبض عليه القابض ويستولي عليه كفه، ويحوزه ملكه، ولا يشاركه فيه غيره. ومعنى قوله: " والسماوات مطويات بيمينه " أي مجموعات في ملكه ومضمونات بقدرته، و اليمين ههنا بمعنى الملك، يقول القائل: هذا ملك يميني، وليس يريد اليمين التي هي الجارحة، وقد يعبرون عن القوة أيضا باليمين، فيجوز على هذا التأويل أن يكون معنى قوله: " مطويات بيمينه " أي يجمع أقطارها ويطوي انتشارها بقوته، كما قال سبحانه: " يوم نطوي السماء كطي السجل للكتب " وقيل: لليمين ههنا وجه آخر وهو أن يكون بمعنى القسم، لأنه تعالى لما قال في سورة الأنبياء: " يوم نطوي السماء كطي السجل للكتب كما بدأنا أول خلق نعيده وعدا علينا إنا كنا فاعلين " كان التزامه تعالى فعل ما أوجبه على نفسه بهذا الوعد، كأنه قسم أقسم به ليفعلن ذلك، فأخبر سبحانه في هذا الموضع من السورة الأخرى " إن السماوات مطويات بيمينه " أي بذلك الوعد الذي ألزمه نفسه تعالى وجرى مجرى القسم الذي لابد أن يقع الوفاء به، والخروج منه. والاعتماد على القولين المتقدمين أولى.
(٢)
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 * (أبواب تأويل الآيات والاخبار الموهمة لخلاف ما سبق) * باب 1 تأويل قوله تعالى: خلقت بيدي، وجنب الله، ووجه الله، ويوم يكشف عن ساق، وأمثالها، وفيه 20 حديثا. 1
3 باب 2 تأويل قوله تعالى: ونفخت فيه من روحي، وروح منه، وقوله صلى الله عليه وآله: خلق الله آدم على صورته، وفيه 14 حديثا. 11
4 باب 3 تأويل آية النور، وفيه سبعة أحاديث. 15
5 باب 4 معنى حجرة الله عز وجل، وفيه أربعة أحاديث. 24
6 باب 5 نفي الرؤية وتأويل الآيات فيها، وفيه 33 حديثا. 26
7 * (أبواب الصفات) * باب 1 نفي التركيب واختلاف المعاني والصفات، وأنه ليس محلا للحوادث والتغييرات، وتأويل الآيات فيها، والفرق بين صفات الذات وصفات الأفعال، وفيه 16 حديثا. 62
8 باب 2 العلم وكيفيته والآيات الواردة فيه، وفيه 44 حديثا. 74
9 باب 3 البداء والنسخ، وفيه 70 حديثا. 92
10 باب 4 القدرة والإرادة، وفيه 20 حديثا. 134
11 باب 5 أنه تعالى خالق كل شيء، وليس الموجد والمعدم إلا الله تعالى وأن ما سواه مخلوق، وفيه خمسة أحاديث. 147
12 باب 6 كلامه تعالى ومعنى قوله تعالى: قل لو كان البحر مدادا، وفيه أربعة أحاديث. 150
13 * أبواب أسمائه تعالى وحقائقها وصفاتها ومعانيها * باب 1 المغايرة بين الاسم والمعنى وأن المعبود هو المعنى والاسم حادث، وفيه ثمانية أحاديث. 153
14 باب 2 معاني الأسماء واشتقاقها وما يجوز إطلاقه عليه تعالى وما لا يجوز، وفيه 12 حديثا. 172
15 باب 3 عدد أسماء الله تعالى وفضل إحصائها وشرحها، وفيه ستة أحاديث. 184
16 باب 4 جوامع التوحيد، وفيه 45 حديثا. 212
17 باب 5 إبطال التناسخ، وفيه أربعة أحاديث. 320
18 باب 6 نادر، وفيه حديث. 322