بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٣ - الصفحة ٣١٣
6 - الإحتجاج: عن يعقوب بن جعفر الجعفري قال سأل رجل - يقال له: يا عبد الغفار السلمي - أبا إبراهيم موسى بن جعفر عليه السلام عن قول الله تعالى: " ثم دنا فتدلى فكان قاب قوسين أو أدنى " فقال: أرى ههنا خروجا من حجب وتدليا إلى الأرض، وأرى محمدا صلى الله عليه وآله رأى ربه بقلبه ونسب إلى بصره وكيف هذا؟ فقال أبو إبراهيم عليه السلام: دنى فتدلى، فإنه لم يدل عن موضع، ولم يتدل ببدن. فقال عبد الغفار: أصفه بما وصف به نفسه حيث قال: دنى فتدلى فلم يتدل عن مجلسه إلا قد زال عنه، ولولا ذلك لم يصف بذلك نفسه. فقال أبو إبراهيم عليه السلام: إن هذه لغة في قريش إذا أراد الرجل منهم أن يقول: " قد سمعت " يقول: قد تدليت، وإنما التدلي: الفهم.
بيان: التدلي: القرب، والنزول من علو، والامتداد إلى جهة السفل، ويكون من التدلل بمعنى الغنج، وما ذكره عليه السلام أن المراد به الفهم فهو على المجاز لان من يريد فهم شئ يتدلى إلى القائل ليسمعه ويفهمه. ثم اعلم أنه قد اختلف في تفسير هذه الآية على وجوه:
الأول: أن تكون الضمائر راجعة إلى جبرئيل عليه السلام، فالمعنى: وهو أي جبرئيل بالأفق الاعلى " أفق السماء " ثم دنى من النبي صلى الله عليه وآله فتدلى أي تعلق به، وهو تمثيل لعروجه بالرسول صلى الله عليه وآله، أو تدلى من الأفق الاعلى فدنى الرسول، فيكون إشعارا بأنه عرج به غير منفصل عن محله وتقريرا لشدة قوته، وقيل: المعنى: قرب فاشتد قربه، فكان البعد بينهما قاب قوسين أي قدرهما أو أدنى، والمقصود تمثيل ملكة الاتصال و تحقيق استماعه لما أوحي إليه بنفي البعد الملبس.
الثاني: أن تكون الضمائر راجعة إلى محمد صلى الله عليه وآله أي ثم دنى محمد من الخلق والأمة، وصار كواحد منهم فتدلى إليهم بالقول اللين والدعاء الرفيق فالحاصل أنه صلى الله عليه وآله استوى وكمل فدنى من الخلق بعد علوه وتدلى إليهم وبلغ الرسالة.
الثالث: أن تكون الضمائر راجعة إلى الله تعالى، فيكون دنوه كناية عن رفع مكانته، وتدليه عن جذبه بشراشره إلى جناب القدس، والحاصل أنه مؤول بالدنو المعنوي، والتقرب والمعرفة واللطف، على ما يؤول حديث " من تقرب إلي شبرا تقربت
(٣١٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 308 309 310 311 312 313 314 315 316 317 318 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 باب 1 ثواب الموحدين والعارفين، وبيان وجوب المعرفة وعلته، وبيان ما هو حق معرفته تعالى، وفيه 39 حديثا. 1
3 باب 2 علة احتجاب الله عز وجل عن خلقه، وفيه حديثان 15
4 باب 3 إثبات الصانع والاستدلال بعجائب صنعه على وجوده وعلمه وقدرته وسائر صفاته، وفيه 29 حديثا. 16
5 باب 4 توحيد المفضل. 57
6 باب 5 حديث الإهليلجية. 152
7 باب 6 التوحيد ونفي الشرك، ومعنى الواحد والأحد والصمد، وتفسير سورة التوحيد، وفيه 25 حديثا. 198
8 باب 7 عبادة الأصنام والكواكب والأشجار والنيرين وعلة حدوثها وعقاب من عبدها أو قرب إليها قربانا، وفيه 12 حديثا. 244
9 باب 8 نفي الولد والصاحبة، وفيه 3 أحاديث. 254
10 باب 9 النهي عن التفكر في ذات الله تعالى، والخوض في مسائل التوحيد، وإطلاق القول بأنه شيء، وفيه 32 حديثا. 257
11 باب 10 أدنى ما يجزي من المعرفة والتوحيد، وأنه لا يعرف الله إلا به، وفيه 9 أحاديث. 267
12 باب 11 الدين الحنيف والفطرة وصبغة الله والتعريف في الميثاق، وفيه 42 حديثا. 276
13 باب 12 إثبات قدمه تعالى وامتناع الزوال عليه وفيه 7 أحاديث. 283
14 باب 13 نفي الجسم والصورة والتشبيه والحلول والاتحاد، وأنه لا يدرك بالحواس والأوهام والعقول والأفهام، وفيه 47 حديثا. 287
15 باب 14 نفي الزمان والمكان والحركة والانتقال عنه تعالى، وتأويل الآيات والأخبار في ذلك، وفيه 47 حديثا. 309