أنهضهم له وأمرهم به، وتقدم إليهم من ملازمة أميرهم، والسير معه تحت لوائه حتى ينفذ لوجهه الذي أنفذه إليه.
فخلفوا أميرهم مقيما في عسكره، وأقبلوا يتبادرون على الخيل إلى حل عقدة عقدها الله عز وجل لي ولرسوله في أعناقهم فحلوها، وعهد عاهدوا الله ورسوله فنكثوه، وعقدوا لأنفسهم عقدا ضجت به أصواتهم واختصت به آراؤهم، من غير مناظرة لاحد منا بنى عبد المطلب، أو بمشاركة في رأى، أو في استقالة (1) لما في أعناقهم من بيعتي، فعلوا ذلك وأنا برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مشغول، وبتجهيزه عن سائر الأشياء مصدود (2)، فإنه كان أهمها وأحق ما بدئ به منها.
فكان هذا يا أخا اليهود أقرح (3) ما ورد على قلبي مع الذي أنا فيه من عظيم الرزية، وفاجع المصيبة، وفقد من لا خلف منه إلا الله تبارك وتعالى، فصبرت عليها إذ أتت بعد أختها على تقاربها وسرعة اتصالها، ثم التفت إلى أصحابه فقال: أليس كذلك؟ قالوا: بلى يا أمير المؤمنين.
فقال عليه السلام: وأما الثالثة يا أخا اليهود فإن القائم بعد النبي صلى الله عليه وآله كان يلقاني معتذرا في كل أيامه، ويلزم (4) غيره ما ارتكبه من أخذ حقي ونقض بيعتي، ويسألني تحليله! فكنت أقول: تنقضي أيامه ثم يرجع إلى حقي الذي جعله الله لي عفوا (5) هنيئا من غير أن أحدث في الاسلام مع حدوثه، وقرب عهده بالجاهلية حدثا في طلب حقي بمنازعة، لعل فلانا يقول فيها: نعم، وفلانا يقول: لا، فيؤول ذلك من القول إلى الفعل، وجماعة من خواص أصحاب محمد صلى الله عليه وآله أعرفهم بالنصح لله