فقال عليه السلام: يا أخا اليهود إن الله عز وجل امتحني بعد وفاة نبيه صلى الله عليه وآله في سبعة مواطن فوجدني فيهن من غير تزكية لنفسي بمنه ونعمته صبورا.
أما أولهن يا أخا اليهود فإنه لم يكن لي خاصة دون المسلمين عامة أحد آنس به، أو اعتمد عليه، أو استنيم (1) إليه، أو أتقرب به غير رسول الله صلى الله عليه وآله، هو رباني صغيرا، وبوأني كبيرا، وكفاني العيلة، وجبرني من اليتم، وأغناني عن الطلب، ووقاني المكسب، وعال (2) لي النفس والولد والأهل، هذا في تصاريف أمر الدنيا، مع ما خصني به من الدرجات التي قادتني إلى معالى الحظوة (3) عند الله عز وجل، فنزل بي من وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله ما لم أكن أظن الجبال لو حملته عنوة (4) كانت تنهض به.
فرأيت الناس من أهل بيتي ما بين جازع لا يملك جزعه، ولا يضبط نفسه، ولا يقوى على حمل فادح (5) ما نزل به، قد أذهب الجزع صبره، وأذهل عقله، وحال بينه وبين الفهم، والافهام، والقول، والاستماع، وسائر الناس من غير بنى عبد المطلب بين معز يأمر بالصبر، وبين مساعد باك لبكائهم، جازع لجزعهم، وحملت نفسي على الصبر عند وفاته، بلزوم الصمت والاشتغال بما أمرني به: من تجهيزه، وتغسيله وتحنيطه وتكفينه، والصلاة عليه، ووضعه في حفرته، وجمع كتاب الله وعهده إلى خلقه، لا يشغلني عن ذلك بادر (6) دمعة، ولا هائج زفرة، ولا لاذع حرقة، ولا جزيل مصيبة، حتى أديت في ذلك الحق الواجب لله عز وجل ولرسوله صلى الله عليه وآله على، وبلغت