ورأيت الابقاء على من بقي من الطائفة أبهج لي وآنس لقلبي من فنائها، وعلمت أنى إن حملتها على دعوة الموت ركبته، فأما نفسي فقد علم من حضر ممن ترى وممن غاب من أصحاب محمد صلى الله عليه وآله أن الموت عندي بمنزلة الشربة الباردة في اليوم الشديد الحر من ذي العطش الصدى (١).
ولقد كنت عاهدت الله عز وجل ورسوله أنا وعمى حمزة، وأخي جعفر، وابن عمى عبيدة على أمر وفينا به لله عز وجل ولرسوله، فتقدمني أصحابي، وتخلفت بعدهم لما أراد الله عز وجل، فأنزل الله فينا: ﴿من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا﴾ (2) حمزة، وجعفر، وعبيدة (3)، وأنا والله المنتظر - يا أخا اليهود وما بدلت تبديلا.
وما سكتني عن ابن عفان وحثني على الامساك إلا أنى عرفت من أخلاقه فيما اختبرت منه بما لن يدعه حتى يستدعى الأباعد إلى قتله وخلعه، فضلا عن الأقارب، وأنا في عزلة، فصبرت حتى كان ذلك، لم أنطق فيه بحرف من " لا " ولا " نعم " ثم أتاني القوم، وأنا علم الله كاره، لمعرفتي بما يطمعون (4) به من اعتقال (5) الأموال والمرح (6) في الأرض، وعلمهم بأن تلك ليست لهم عندي، شديد (7) عادة منتزعة، فلما لم يجدوا عندي تعللوا