التمس منى شرطا أن أصيرها له بعدي (1)! فلما لم يجدوا عندي إلا المحجة البيضاء، والحمل على كتاب الله عز وجل ووصية الرسول، وإعطاء كل امرئ منهم ما جعله الله له، ومنعه ما لم يجعل الله له، أزالها (2) عنى إلى ابن عفان طمعا في الشحيح معه فيها، وابن عفان رجل لم يستو به وبواحد ممن حضره حال قط فضلا عمن دونهم لا ببدر (3) التي هي سنام فخرهم، ولا غيرها من المآثر التي أكرم الله بها رسوله ومن اختصه معه من أهل بيته.
ثم لم أعلم القوم أمسوا من يومهم ذلك حتى ظهرت ندامتهم، ونكصوا على أعقابهم، وأحال بعضهم على بعض، كل يلوم نفسه ويلوم أصحابه، ثم لم تطل الأيام بالمستبد بالامر ابن عفان حتى أكفروه وتبرؤوا منه، ومشى إلى أصحابه خاصة وسائر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله على (4) هذه، يستقيلهم من بيعته، ويتوب إلى الله من فلتته، فكانت هذه - يا أخا اليهود أكبر من أختها، وأفظع (5) وأخرى أن لا يصبر عليها، فنالني منها الذي لا يبلغ وصفه، ولا يحد وقته، ولم يكن عندي فيها إلا الصبر على ما أمض (6) وأبلغ منها.
ولقد أتاني الباقون من الستة من يومهم كل راجع عما كان ركب منى!
يسألني خلع ابن عفان، والوثوب عليه، وأخذ حقي، ويعطيني صفقته وبيعته على الموت تحت رايتي، أو يرد الله عز وجل على حقي.
فوالله يا أخا اليهود ما منعني منها إلا الذي منعني من أختيها قبلها،