البحر في وقت هيجانه، والسفينة غير وثيقة، والملاحون غير فارهين، إلى أن توسط البحر، حتى لعبت (1) سفينته ريح عاصف، فأزعجتها إلى الشاطئ، وفتقتها في ليل مظلم وذهبت أمواله، وسلم بحشاشته فقيرا وقيرا ينظر إلى الدنيا حسرة؟!
فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: الا أخبركم بأحسن من الأول حالا، وبأسوأ من الثاني حالا؟ قالوا: بلى يا رسول الله.
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: اما أحسن من الأول حالا فرجل اعتقد صدقا بمحمد رسول الله وصدقا باعظام على أخي رسول الله ووليه. وثمرة قلبه ومحض طاعته، فشكر له ربه، ونبيه، ووصى نبيه، فجمع الله له بذلك خير الدنيا والآخرة، ورزقه لسانا لآلاء الله ذاكرا، وقلبا لنعمائه شاكرا، وباحكامه راضيا، وعلى احتمال مكاره أعداء الله وأعداء محمد وآله نفسه موطنا، لا جرم ان الله عز وجل سماه عظيما في ملكوت ارضه وسماواته، وحباه برضوانه وكراماته، فكانت تجارة هذا اربح، وغنيمته أكثر وأعظم.
واما أسوأ حالا من الثاني فرجل أعطى أخا محمد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بيعته واظهر له موافقته، وموالاة أوليائه، ومعاداة أعدائه، ثم نكث بعد ذلك وخالف ووالى عليه أعدائه، فختم له بسوء اعماله، فصار إلى عذاب لا يبيد ولا ينفد، قد خسر الدنيا والآخرة ذلك هو الخسران المبين.
ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله: معاشر عباد الله عليكم بخدمة من أكرمه الله بالارتضاء وحباه بالاصطفاء، وجعله أفضل أهل الأرض والسماء بعد محمد سيد الامناء (2) علي بن أبي طالب عليه السلام وبموالاة أوليائه ومعاداة أعدائه، وقضاء حقوق اخوانكم الذين هم في موالاته ومعاداة أعدائه شركائكم فان رعاية على صلوات الله عليه أحسن من رعاية هؤلاء التجار