حقنا أو رجا الثواب بنا ورضي بقوته نصف مد في كل يوم وما يستر عورته وما أكن به رأسه، وهم مع ذلك والله خائفون وجلون، ودوا أنه حظهم من الدنيا، وكذلك وصفهم الله عز وجل حيث يقول: ﴿والذين يؤتون ما أتوا وقلوبهم وجلة﴾ (1) ما الذي أتوا؟ أتوا والله بالطاعة مع المحبة والولاية، وهم في ذلك خائفون أن لا يقبل منهم، وليس والله خوفهم خوف شك فيما هم فيه من إصابة الدين، ولكنهم خافوا أن يكونوا مقصرين في محبتنا وطاعتنا... (2).
فتبين لنا من هذه الأحاديث أهمية المحاسبة لمن يريد الوصول إلى كمال الانسانية والعرفان الحقيقي والروح الصافية، وعدم إمكان الاستغناء عنها.
لكن يختلج في الذهن سؤال لطيف، وهو: كيف نحاسب أنفسنا؟
روي عن أبي عبد الله عليه السلام في وصيته لابن جندب - رضوان الله تعالى عليه -:
... يا ابن جندب حق على كل مسلم يعرفنا أن يعرض عمله في كل يوم وليلة على نفسه، فيكون محاسب نفسه، فإن رأى حسنة استزاد منها، وإن رأى سيئة استغفر منها، لئلا يخزى يوم القيامة (3).
وروي عن علي عليه السلام عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال:
أكيس الكيسين من حاسب نفسه وعمل لما بعد الموت.
فقال رجل: يا أمير المؤمنين كيف يحاسب نفسه؟ قال:
إذا أصبح ثم أمسى رجع إلى نفسه وقال:
يا نفسي إن هذا يوم مضى عليك لا يعود إليك أبدا، والله يسألك عنه: بما أفنيته؟ فها الذي عملت فيه؟ أذكرت الله أم حمدته؟ أقضيت حوائج مؤمن فيه؟
أنفست عنه كربة؟ أحفظته بظهر الغيب في أهله وولده؟ أحفظته بعد الموت في