وبين الأبرار.
ما قطعت رجائي منك، ولا صرفت تأميلي للعفو عنك.
ولئن صيرتني للعقوبات مع أعدائك، وجمعت في النار بيني وبين أهل بلائك، فبعزتك يا سندي ومولاي أقسم صادقا، لئن تركتني ناطقا، لأضجن إليك بين أهلها ضجيج الآملين، ولأنادينك أين كنت يا ولي المؤمنين، يا غاية آمال العارفين، يا غياث المستغيثين، يا حبيب قلوب الصادقين، ويا إله العالمين.
أفتراك سبحانك يا إلهي وبحمدك، تسمع فيها صوت عبد مسلم سجن، فيها بمخالفته، وذان طعم عذابها بمعصيته، وحبس بين أطباقها بجرمه وجريرته، وهو يضج إليك ضجيج مؤمل لرحمتك، ويناديك بلسان أهل توحيدك ومعرفتك ويتوسل إليك بربوبيتك، وبمحمد وآله صفوتك من بريتك.
فكيف يا مولاي يبقى في العذاب وهو يرجو ما سلف من حلمك ورأفتك؟! أم كيف تؤلمه النار وهو يأمل عواطف فضلك ورحمتك؟! أم كيف يحرقه لهبها وأنت تسمع صوته وترى شديد نكاله؟! أم كيف يشتمل عليه زفيرها وأنت ترى ضعفه وسوء حاله؟!
هيهات ما ذلك الظن بك، ولا المعروف من فضلك وامتنانك، ولا مشبة لما عاملت به الموحدين من برك وإحسانك.
فباليقين أقطع لولا ما حكمت به من تعذيب جاحديك، وقضيت به من إخلاد معانديك، لجعلت النار كلها بردا وسلاما، وما كانت لأحد فيها مقرا ولا مقاما، لكنك تقدست أسماؤك، وجل ثناؤك، أقسمت أن تملأها من الكافرين، من الجنة والناس أجمعين.