أو تهجدت ليلة في جنح الظلام، لأعد لك ما لا تحصره الأقلام، ولا تبلغه خطرات الأنام، بل لو سجدت لله سجدة حتى يغشاك فيها النعاس، باهى الله بك الملائكة فأين القياس؟ فهلا تنظرين إلى يومك الذي قيمته درهمان مع احتمال التعب العظيم، كيف صار له هذه القيمة بالنسبة إلى طاعة الرب الكريم؟!
وكم زمان السجدة، مع ما حصل فيها من الغفلة والرقدة، لكن لما نسبت السجدة إلى الملك الجبار، بلغت قيمتها من النفاسة والجلالة هذا المقدار يا نفس:
فحقيق عليك أن تقصري من أملك، وترين حقارة عملك، ففي:
الحديث من مقت نفسه وألزمها الندامة، آمنة الله تعالى من فزع يوم القيامة، وروي: أنه إن يبيت أحدكم نادما على ذنوبه وأفعاله، خير له من أن يصبح مبتهجا بصالح أعماله، ونائم مقر بذنبه، خير من مصل مدل على ربه.
يا نفس:
فعليك بتحصين عملك من العجب والرياء، والغيبة والكبرياء، فالعجب هلاك، والرياء إشراك، والغيبة قوت كلاب الجحيم، والكبر مصيدة إبليس الرجيم، والعجب ممن يدخله العجب والكبر، والتبختر والفخر، وأوله نطفة، وآخره جيفة.
شعر:
ما بال من أوله نطفة * وجيفة آخره يفخر