وبطيخا (1) وموزا، ورمانا وجوزا، وزيتونا وتينا، أو لحما (2) سمينا، وحورا عينا، وإنها تأتي إلى باغيها (3)، وتذلل قطوفها (4) لجانيها، من غير تكلف الاختراف، (5)، أو تجشم الاقتطاف (6)، فلو تخرج شجرة من تلك إلى الدنيا للابتياع، فما ظنك بما كان تبذل الملوك في قيمتها لجلالة الانتفاع، خصوصا إذا وصفت مع ذلك بأنها لا تحتاج إلى سقي وصرام (7)، ولا في ثمرها جرام، ولا لعمرها انصرام، أو أنها تبقى عشرة آلاف عام.
يا نفس:
قد ورد في الوحي القديم، عن الرب العظيم: أعددت لعبادي ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، هذا مع أن عيان الآخرة أعظم من سماعها، بخلاف الدنيا لخساسة متاعها، وما أيام دنياك التي تشتري بها هذا النعيم المقيم والفضل العظيم إلا ساعة، فاجعليها طاعة، والماضي من دنياك لا تجدين للذته تنعيما، ولا لبؤسه تأليما، والمستقبل قد لا تدركيه، وإنما أنت بالوقت الذي أنت فيه، ثم إن لم تبيعي هذا الوقت القصير بنعيم الآخرة، بعتها بثمن بخس وصفقة خاسرة.