مختصر البصائر - الحسن بن سليمان الحلي - الصفحة ٣١٠
وقال أبو جعفر (عليه السلام): " في حكمة آل داود: ينبغي للمسلم أن يكون مالكا لنفسه، مقبلا على شأنه، عارفا بأهل زمانه، فاتقوا الله ولا تذيعوا علينا، فلولا أن الله عز وجل يدافع عن أوليائه، وينتقم من أعدائه لأوليائه، أما رأيت ما صنع الله بآل برمك (1)، وما انتقم لأبي الحسن صلوات الله عليه منهم.
وقد كان بنو الأشعث على خطر عظيم فدفع الله عنهم بولايتهم لأبي الحسن (عليه السلام)، وأنتم بالعراق وترون أعمال هؤلاء الفراعنة وما أمهل الله لهم، فعليكم بتقوى الله عز وجل، ولا تغرنكم الدنيا، ولا تغتروا بمن أمهل الله تعالى له فكان الأمر قد صار إليكم، ولو أن العلماء وجدوا من يحدثونه ويكتم سره لحدثوا ولبينوا الحكمة، ولكن قد ابتلاهم الله بالإذاعة.
وأنتم قوم تحبونا بقلوبكم، ويخالف ذلك فعلكم، والله ما يستوي اختلاف أصحابك ولهذا استتر على صاحبكم ليقال مختلفون، مالكم لا تملكون أنفسكم وتصبرون حتى يجئ الله بالذي تريدون، إن هذا الأمر ليس يجئ على ما يريد الناس، إنما هو أمر الله وقضاؤه والصبر، إنما يعجل من يخاف الفوت.
وقد رأيت ما كان من أمر علي بن يقطين (2) وما أوقع عند هؤلاء الفراعنة من

١ - آل برمك: هم البرامكة، قوم سكنوا محلة أو قرية البرمكية ببغداد فنسبوا إليها. انظر معجم البلدان ١: ٣٦٧ و ٤٠٣، تاريخ بغداد ٦: ١٣٩ - ترجمة إبراهيم بن عمر المعروف بالبرمكي.
٢ - علي بن يقطين: هو ابن موسى البغدادي، سكنها وهو كوفي الأصل، مولى بني أسد، أبو الحسن، ولد بالكوفة سنة أربع وعشرين ومائة، ومات سنة اثنتين وثمانين ومائة في أيام الإمام موسى بن جعفر (عليه السلام)، روى عن أبي عبد الله (عليه السلام) حديثا واحدا وعن أبي الحسن موسى (عليه السلام) فأكثر، عده البرقي والشيخ من أصحاب الإمام الكاظم (عليه السلام).
وقال الشيخ: ثقة، جليل القدر، له منزلة عظيمة عند أبي الحسن موسى (عليه السلام) عظيم المكان في الطائفة، وكان في خدمة السفاح والمنصور ومع ذلك كان يتشيع ويقول بالإمامة وكذلك ولده، وكان يحمل الأموال إلى الإمام جعفر الصادق (عليه السلام)، فنم خبره إلى المنصور والمهدي فصرف الله عنه كيدهما.
انظر رجال النجاشي: ٢٧٣ / ٧١٥، فهرست الشيخ: ١٥٤ / ١٥، رجال البرقي: ٤٨، رجال الطوسي: ٣٥٤ / 17.
(٣١٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 305 306 307 308 309 310 311 312 313 315 317 ... » »»