بها هذه الشرائع الإلهية، والتي توجب بالدين الاسلامي الكبير، فإنه يعد بحق تجنيا وتخرصا بعيدا جدا عن أرض الواقع، وربطا غير عقلائي بالمظاهر المنحرفة التي أوجدتها حالات الانحراف الواضح عن أصل الشريعة ومبادئها وإن كانت تحاول الالتصاق بها.
إن أفضل ما يمكن لمحاولة بناء الفهم الصحيح لمنهج الدعاء وموضوعيته تكمن بشكل أساس في استقراء القواعد العقائدية التي ينطلق من خلالها الدعاء، ويبتني على أرضيتها، وأما الحكم من خلال المظاهر السلبية المنسوبة إليه قسرا، أو من خلال القياس غير المشروع بجملة الأطروحات الغريبة التي جاءت بها الكنيسة وأتباعها ممن خرجوا بالديانة المسيحية وأفكارها عن مرتكزاتها السليمة والصحيحة جريا وراء نزواتهم وغرائزهم الحيوانية النهمة، فذلك من الاجحاف والظلم بمكان، ولا أعتقد أن يقول به أي عاقل منصف، ولعل هذا الاشتباه الكبير ما وقع فيه من حاول قسرا الربط بين هذين المظهرين المختلفين - جهلا وعمدا - فطبل له الالحاديون وزمروا.
إن الشريعة الاسلامية المقدسة جاءت وتحمل في طياتها دعوة البشرية إلى العمل الصالح والبناء، بل وأولت العاملين المخلصين والعلماء المتفوقين اهتماما خاصا، وعناية متميزة، والقرآن الكريم بين ظهراني الأمة لا يعسر على أحد التأمل في آياته لادراك صدق ما ذكرناه، وكذا هي السنة النبوية المطهرة وأحاديث أهل بيت العصمة عليهم السلام، سهلة المنال ويسرة الاطلاع لمن أراد ذلك، فليتأمل بها من أراد إدراك الحقيقة لا غير.
وإذا كنا لا ننكر حقيقة كون البشرية في عصرنا الحاضر قد خطت - وبشكل مذهل - خطوات واسعة نحو عالم جديد يرسم العلم الكثير من أبعاده وأشكاله، بل ويتدخل حتى في أدق دقائقه، وحيث توضحت أمام ناظري الانسان الكثير من خفيات الأمور، ومنها ما كان يتوجس خيفة منه، وينسب إليه الكثير من الخرافات والأوهام، الا ان هذا الانقلاب الهائل في