غيره من المؤمنين الأشداء في بناء الحضارة الانسانية الراقية القائمة على العدل والمحبة والاخوة، وانتشاله من وهدة الانحراف والفساد الأخلاقي، في عالم راق سام متكامل الابعاد والزوايا، ولا يتأتى ذلك الا من خلال اعتماد جملة متسلسلة من البرامج العلمية التي تستهدف أول ما تستهدف بناء الانسان كانسان مؤمن متحضر نزيه، يكون بامكانه الاقدام على وضع أسس بناء تلك الحضارة التي هي بلا شك هدف كل الأطروحات العقائدية السماوية، بيد ان دأب طوابير الظلمة وعلى طول التأريخ على الوقوف بوجه المصلحين والدعاة المخلصين، ودفعهم قهرا للانشغال بغيرها، حال دون تلك الأمنية وتلك الرغبة العظيمة، ولعله لا يخفى على من له أدنى اطلاع باشكال العقائد الاسلامية - ناهيك بمن سبر غورها وأدرك مضامينها - صدق ما ذكرناه، وما أشرنا إليه اجمالا.
والدعاء بما هو مفهومه التقليدي من ترجمة الصلة الموضوعية بين الخالق والمخلوق، بين الغني والفقير، بين الضعيف والقوي، وتوسل الأول بالثاني، وادراكه - أي الأول - بقدرة الثاني على كل شئ، وقوته المطلقة التي لا تحدها حدود، فيلجأ إليه متوسلا بلطفه صرف كل ما يخشاه، وتحقيق ما يتمناه، دون الغاء الجد والاجتهاد في الوصول إلى ما يبتغيه، وتلك مسلمة لا نقاش حولها، فالعمل هو مقياس ثابت لترجمة الايمان دون غيره، هذا مع اقترانه بالنية الصادقة والمؤمنة، نعم فان الانسان المؤمن يدرك هذه الحقيقة دون لبس ودون شك، ولم يرسل الله تعالى إلى البشرية دينا يدعو إلى التواكل والى الانزواء، وما يقول بهذه الا الجهلة والسطحيين.
وأما ما يريد البعض إلصاقه قهرا بالعقائد السماوية، ومنها الشريعة الاسلامية الكاملة، بدعوة أتباعها إلى الانكفاء السلبي أمام ظواهر الحياة المختلفة، والتواكل المقيت على القوة السماوية والتعلق بقدرتها على حل هذه المعضلات، وغير ذلك من التأويلات الغريبة عن العقائد العظيمة التي جاءت