والخراب الذي اخذ يضرب بأطنابه في أطراف الدولة أدركوا بان الامر - إذا تم التأمل فيه - كان يستدعي المبادرة إلى انقاذ ما يمكن انقاذه من الدمار والخراب الحتمي، ورفع السيف عن رقاب المسلمين، ودفع الانتهاك عن اعراضهم، وكان لا بد لمدينة الحلة ان تبادر فورا إلى اتخاذ ذلك الموقف السليم، لما كانت تعج به آنذاك من كبار رجالات الشيعة وعلمائهم أمثال: المحقق الحلي، والسيد ابن طاووس، والامام سديد الدين يوسف بن علي والد العلامة الحلي وغيرهم، وحيث اتفقوا على الكتابة إلى هولاكو كتابا يطلبون فيه الأمان لمدينة الحلة وما يحيطها، في محاولة أخيرة منهم لايقاف نزيف الدم الكبير الذي صبغ ارض الدولة الاسلامية نتيجة جهل الخلافة في بغداد، والعمل على صرف توجه المغول لاجتياح باقي مدن العراق، التي هي بلا شك عاجزة امامهم عن فعل اي شئ.
وبالفعل فقد تشكلت عدة وفود لمقابلة هولاكو والتباحث معه حول السلام وحول ايقاف المجازر المهولة التي حلت بالمسلمين، كان آخرها - وهو أعظمها - برئاسة السيد ابن طاووس رحمه الله، وحيث أفلح هذا التدبير في ايقاف الهجوم المغولي، وانقاذ ما أمكن انقاذه من الأنفس والاعراض والأموال.
ولما استقرت الأمور بعد انحسار المد المغولي الهائج تفرغ السيد ابن طاووس رحمه الله إلى البحث والتأليف والتدريس، حتى ولي في عام 661 ه نقابة الطالبيين التي استمر بها حتى وفاته في صباح اليوم الخامس من شهر ذي القعدة عام 664 ه، وحيث حمل جثمانه الطاهر إلى مشهد جده أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام في النجف الأشرف على أصح الأقوال (1)،