يا أبا طالب، إني قد عرفت ديانتك وأمانتك، فكن له كما كنت له.
قالت: فلما توفي أخذه أبو طالب، وكنت أخدمه، وكان يدعوني الام.
قالت: وكان في بستان دارنا نخلات، وكان أول إدراك الرطب، وكان أربعون صبيا من أتراب (1) محمد صلى الله عليه وآله يدخلون علينا كل يوم في البستان ويلتقطون ما يسقط فما رأيت قط محمدا أخذ رطبة من يد صبي سبق إليها، والآخرون يختلس بعضهم من بعض. وكنت كل يوم ألتقط لمحمد صلى الله عليه وآله حفنة فما فوقها، وكذلك جاريتي.
فاتفق يوما أن نسيت أن ألتقط له شيئا ونسيت جاريتي، وكان محمد صلى الله عليه وآله نائما ودخل الصبيان وأخذوا كل ما سقط من الرطب وانصرفوا، فنمت فوضعت الكم على وجهي حياء من محمد إذا انتبه.
قالت: فانتبه محمد، ودخل البستان، فلم ير رطبة على الأرض فانصرف، فقالت له الجارية: إنا نسينا أن نلتقط شيئا والصبيان دخلوا وأكلوا جميع ما كان قد سقط.
قالت: فانصرف محمد صلى الله عليه وآله إلى البستان وأشار إلى نخلة، وقال: أيتها الشجرة أنا جائع. قالت: فرأيت الشجرة قد وضعت أغصانها التي عليها الرطب حتى أكل منها محمد صلى الله عليه وآله ما أراد، ثم ارتفعت إلى موضعها.
قالت فاطمة: فتعجبت، وكان أبو طالب قد خرج من الدار، وكل يوم إذا رجع وقرع الباب كنت أقول للجارية حتى تفتح الباب.
فقرع أبو طالب، فعدوت حافية إليه وفتحت الباب وحكيت له ما رأيت.
فقال: هو إنما يكون نبيا، وأنت تلدين وزيره بعد ثلاثين. فولدت عليا عليه السلام كما قال (2) 226 - ومنها: أن جابرا روى أن سبب تزويج خديجة بمحمد صلى الله عليه وآله كان [أن] أبا طالب قال: يا محمد إني أريد أن أزوجك ولا مال لي أساعدك به، وإن خديجة