قال علي عليه السلام: فدعاني رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: إن قريشا دبرت كيت وكيت في قتلي فنم على فراشي حتى أخرج أنا من مكة، فقد أمرني الله تعالى بذلك.
فقلت له: السمع والطاعة.
فنمت على فراشه، وفتح رسول الله صلى الله عليه وآله الباب، وخرج عليهم وهم جميعا جلوس ينتظرون الفجر، وهو يقول: * (وجعلنا من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا فأغشيناهم فهم لا يبصرون) * (1) ومضى وهم لا يرونه، فرأى أبا بكر قد خرج في الليل يتجسس عن خبره - وقد كان وقف على تدبير قريش من جهتهم - فأخرجه معه إلى الغار.
فلما طلع الفجر تواثبوا إلى الدار، وهم يظنون أني محمد صلى الله عليه وآله فوثبت في وجوههم وصحت بهم. فقالوا: علي؟! قلت: نعم. قالوا: وأين محمد؟ قلت:
خرج من بلدكم. قالوا: وإلى أين خرج؟ قلت: الله أعلم.
فتركوني وخرجوا فاستقبلهم أبو كريز الخزاعي وكان عالما بقصص الآثار، فقالوا:
يا أبا كريز اليوم نحب أن تساعدنا في قصص أثر محمد، فقد خرج عن البلد.
فوقف على باب الدار، فنظر إلى أثر رجل محمد صلى الله عليه وآله، فقال: هذا أثر قدم محمد، وهي والله أخت القدم التي في المقام! ومضى به على أثره حتى إذا صار إلى الموضع الذي لقيه فيه أبو بكر، فقال: [هنا] قد صار مع محمد آخر، وهذه قدمه، إما أن تكون قدم أبي قحافة أو قدم ابنه.
فمضى على ذلك إلى باب الغار، فانقطع عنه الأثر، وقد بعث الله إليه العنكبوت فنسجت على باب الغار كله، وبعث الله قبجة فباضت على باب الغار فقال: ما جاز محمد هذا الموضع، ولا من معه، إما أن يكونا صعدا إلى السماء، أو نزلا في الأرض، فإن باب هذا الغار كما ترون عليه نسج العنكبوت، والقبجة حاضنة على