يكون في الأرض ولا يكون في السماء، فصاروا إليه.
فقالوا: يا محمد إن لم يكن هذا الذي نرى منك سحرا، فأرنا آية في السماء فإنا نعلم أن السحر لا يستمر في السماء كما يستمر في الأرض.
فقال لهم: ألستم ترون هذا القمر في تمامه لأربع عشرة؟ فقالوا: بلى.
قال: أفتحبون أن تكون الآية من قبله وجهته؟ قالوا: قد أحببنا ذلك.
فأشار إليه بإصبعه فانشق بنصفين، فوقع نصفه على ظهر الكعبة، ونصفه الآخر على جبل أبي قبيس، وهم ينظرون إليه.
فقال بعضهم: فرده إلى مكانه. فأومى بيده إلى النصف الذي كان على ظهر الكعبة وبيده الأخرى إلى النصف الذي كان على جبل أبي قبيس، فطارا جميعا فالتقيا في الهواء فصارا واحدا، واستقر القمر في مكانه، على ما كان.
فقالوا: قوموا فقد استمر سحر محمد في السماء والأرض. فأنزل الله تعالى:
" اقتربت الساعة وانشق القمر * وإن يروا آية يعرضوا ويقولوا سحر مستمر " (1) (2) 230 - ومنها: أنه لما كانت قريش تحالفوا وكتبوا بينهم صحيفة ألا يجالسوا واحدا من بني هاشم ولا يبايعوهم حتى يسلموا إليهم محمدا ليقتلوه، وعلقوا تلك الصحيفة في الكعبة، وحاصروا بني هاشم في الشعب - شعب عبد المطلب - أربع سنين، فأصبح النبي صلى الله عليه وآله يومان وقال لعمه أبي طالب:
إن الصحيفة التي كتبتها قريش في قطيعتنا قد بعث الله عليها دابة فلحست كل ما فيها غير اسم الله، وكانوا قد ختموها بأربعين خاتما من رؤساء قريش.
فقال أبو طالب: يا ابن أخي أفأصير إلى قريش فأعلمهم بذلك؟ قال: إن شئت.
فصار أبو طالب رضي الله عنه إليهم فاستبشروا بمصيره إليهم، واستقبلوه بالتعظيم والاجلال، وقالوا: قد علمنا الآن أن رضى قومك أحب إليك مما كنت فيه، أفتسلم