240 - ومنها: أنه لما وافى رسول الله صلى الله عليه وآله المدينة مهاجرا نزل بقبا (1) وقال:
لا أدخل المدينة حتى يلحق بي علي.
وكان سلمان كثير السؤال عن رسول الله صلى الله عليه وآله وكان قد اشتراه بعض اليهود وكان يخدم نخلا لصاحبه.
فلما وافى صلى الله عليه وآله قبا - وكان سلمان قد عرف بعض أحواله من بعض أصحاب عيسى وغيره - فحمل طبقا من تمر وجاءهم به، فقال: سمعنا أنكم غرباء وافيتم إلى هذا الموضع فحملنا هذا إليكم من صدقاتنا فكلوه.
فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: سموا وكلوا. ولم يأكل هو منه شيئا، وسلمان واقف ينظر، فأخذ الطبق وانصرف وهو يقول: هذه واحدة - بالفارسية -.
ثم جعل في الطبق تمرا آخر وحمله فوضعه بين يدي رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: رأيتك لم تأكل من تمر الصدقة، وهذه الهدية (2) فمد يده صلى الله عليه وآله [وأكل] وقال لأصحابه:
كلوا باسم الله. فأخذ سلمان الطبق وقال: هذه اثنتان.
ثم دار خلف رسول الله صلى الله عليه وآله فعلم صلى الله عليه وآله مراده منه، فأرخى رداءه عن كتفيه، فرأى سلمان الشامة، فوقع عليها وقبلها، وقال: أشهد أن لا إله إلا الله، وأنك رسول الله.
ثم قال: إني عبد ليهودي فما تأمرني؟ قال: اذهب فكاتبه على شئ تدفعه إليه.
فصار سلمان إلى اليهودي فقال: إني أسلمت واتبعت هذا النبي على دينه ولا تنتفع بي، فكاتبني على شئ أدفعه إليك وأملك نفسي.
فقال اليهودي: أكاتبك على أن تغرس لي خمسمائة نخلة، وتخدمها حتى تحمل ثم تسلمها إلي، وعلى أربعين أوقية ذهبا جيدا.