فبعث باذان إلى النبي صلى الله عليه وآله بذلك، فقال: " لو كان شئ قلته من قبلي لكففت عنه، ولكن الله بعثني " وترك رسل باذان وهم خمسة عشر نفرا ولا يكلمهم خمسة عشر يوما، ثم دعاهم.
فقال: اذهبوا إلى صاحبكم فقولوا له: إن ربي قتل ربه الليلة، إن ربي قتل كسرى [الليلة] ولا كسرى بعد اليوم، وقتل قيصر، ولا قيصر بعد اليوم.
فكتبوا قوله فإذا هما قد ماتا في الوقت الذي حدثه محمد صلى الله عليه وآله. (1) 219 - ومنها: (حديث النجاشي) روي عن ابن مسعود [قال]: بعثنا رسول الله صلى الله عليه وآله إلى أرض النجاشي ونحن ثمانون رجلا، ومعنا جعفر بن أبي طالب، وبعثت قريش خلفنا عمارة بن الوليد وعمرو بن العاص مع هدايا فأتوه بها، فقبلها، وسجدوا له.
فقالوا: إن قوما منا رغبوا عن ديننا وهم في أرضك.
فبعث إلينا، فقال لنا جعفر: لا يتكلم أحد منكم أنا خطيبكم اليوم، فانتهينا إلى النجاشي، فقال عمرو وعمارة: إنهم لا يسجدون لك. فلما انتهينا إليه زبرنا (2) الرهبان أن اسجدوا للملك. فقال لهم جعفر: لا نسجد إلا لله.
فقال النجاشي: وما ذاك؟ قال: إن الله بعث فينا رسوله، وهو الذي بشر به عيسى اسمه أحمد فأمرنا أن نعبد الله لا نشرك به شيئا، وأن نقيم الصلاة، ونؤتي الزكاة، وأمرنا بالمعروف، ونهانا عن المنكر. فأعجب النجاشي قوله.
فلما رأى ذلك عمرو قال: أصلح الله الملك، إنهم يخالفونك في ابن مريم.
فقال النجاشي لجعفر: ما يقول صاحبك في ابن مريم؟ قال: يقول فيه قول الله: هو روح الله وكلمته، أخرجه من العذراء البتول التي لم يقربها بشر.